ونشاط، أما لو تصدع قلبها او جرحت منها العواطف فتراها زجاجة أو أرق وكسرها لا يجبر، ولذلك أوصى بهنّ النبي (صلى الله عليه وآله) إذ قال: «ارفق بالقوارير» فجعلهن كزجاج القوارير تحتاج الى لطف المداراة.
فكانت ابنة علي (عليه السلام) قائمة بمهمات رحل الحسين وأهله غير مبالية بما هنالك من ضائقة عدو أو حصار أو عطش، إذ كانت تنظر في وجه الحسين (عليه السلام) تراه هشاً بشاً فتزداد به أملاً ـ وكلما ازداد الإنسان أملاً ازداد نشاطاً وعملاً، وانّ في بشاشة وجه الرئيس أثراً كبيراً في قوة آمال الأتباع ونشاط أعصابهم ـ غير أنّ زينب باغتت أخاها الحسين (عليه السلام) في خبائه ليلة مقتله فوجدته يصقل سيفاً له ويقول:
يا دهر أف لك من خليل
كم لك بالإشراق والأصيل
من صاحب أو طالب قتيل
والأمر في ذاك الى الجليل
والمعنى: يا دهر كم لك من صاحب قتيل في ممر الإشراق والأصيل، فأفٍّ لك من خليل.
ذعرت زينب عند تمثل أخيها بهذه الأبيات، وعرفت أنّ أخها قد يئس من الحياة ومن الصلح مع الأعداء، وأنّه قتيل لا محالة وإذا قتل فمن يكون لها؟ والعيال والصبية في عراء وغربة، وألد الأعداء محيط بهم ومتربص لهم الدوائر. لهذه ولتلك صرخت أُخت الحسين (عليه السلام) نادبة أخاها، وتمثل لديها ما يجري عليها وعلى أهله ورحله بعد قتله وقالت: «اليوم مات جدي وأبي وأُمي وأخي». ثم خرجت مغشية عليها إذ غابت عن نفسها ولم تعد تملك اختيارها، فأخذ أخوها الحسين (عليه السلام) رأسها في حجره وسقط على وجهها من مدامعه حتى أفاقت وسعد بصرها بنظرة من شقيقها الحسين، وأخذ يسليها ـ وبعض التسلية تورية ـ فقال: «يا