[1] قال ابن أبي الحديد، في شرح النهج ج 4 ص 86: و
اعلم أن الناس يظنون: أن نزاع فاطمة أبا بكر كان في أمرين: في الميراث، و النحلة،
و قد وجدت في الحديث: أنها نازعت في أمر ثالث، و منعها أبو بكر إياه أيضا، و هو
سهم ذي القربى.
أقول: ادعاؤها الإرث إنما هو في
الفيىء و صفايا الرسول( ص).
و في مطالبتها بالفيىء وجهان:
الأول: كون الفيىء ملكا شخصيا
للنبي( ص، دون الأنفال، و الخمس، و الغنائم، كما ذكره الثعالبي في سورة الحشر،
آية( 6 و 7)، راجع: آيات الأحكام للجصاص ج 3 ص 430، و الدر المنثور ج 6 ص 192، و
السيرة الحلبية ج 2 ص 268، ج 3 ص 361 و في هامشها سيرة زيني دحلان ج 2 ص 100 و في
الحلبية: أن عمر قال: يا رسول اللّه، ألا تخمس ما أصبت؟ فقال رسول اللّه( ص):« لا
أجعل شيئا جعله اللّه لي دون المؤمنين، بقوله تعالى:« ما أفاء اللّه على رسوله(
الآية) كهيئة ما وقع فيه السهمان».
الثاني: أن رسول اللّه( ص)، قسم
فيىء بني النضير و غيره على رجال منهم أبو بكر و الزبير، و اصطفى لنفسه منه ما
يصرف منافعه في نوائبه، من نفقة أهله، و أزواجه، و مصارفه الأخرى، كما كان يصطفي
الجواري، و الفرس من خمس الغنائم، و الصفي ملك شخصي له من دون أي ارتياب، إذ لم
يقل أحد إن صفايا رسول اللّه( ص) من الغنائم، ليست ملكا شخصيا له، و لم يدع ذلك
أبو بكر أيضا، إذ ترك الدار و الإرث لأزواجه، فاذا توفاه اللّه ورثته ابنته، و ولده،
دون غيرهم، و لا يجوز لأحد أن يقول بملك أبي بكر، و الزبير، و المهاجرين لما قسم(
ص) فيهم من أموال بني النضير، دون رسول اللّه( ص) ...
فلما منع أبو بكر فاطمة إرث أبيها
قالت:« ثم أنتم الآن تزعمون: أن لا إرث لي، أفحكم الجاهلية تبغون؟ و من أحسن من
اللّه حكما لقوم يوقنون، إيها معاشر المسلمين ابتز إرث أبي، أبا للّه أن ترث يا
ابن أبي قحافة أباك، و لا أرث أبي؟ لقد جئت شيئا فريا»( راجع: شرح النهج لابن أبي
الحديد ج 4 ص 79 و 92، و أعلام النساء ج 3 ص 208( ط دمشق)، و بلاغات النساء ص 14 ط
الحيدرية).
فاضطرب أبو بكر من كلامها فتمسك
بحديث( لا نورث)، الذي تفرد به عن جميع الأصحاب، من أهل النبي( ص) و غيرهم، و لو
كان هذا الحديث صحيحا لسمعته أزواج النبي( ص) منه، و لذا ادعى أزواجه عدا عائشة
إرث بعلهن، و طالبن به؟؟؟ رواه عدة من أعلام القوم، منهم: البخاري في الصحيح ج 5 ص
187، و مالك في الموطأ ج 2 ص 256، و ابن كثير في النهاية ج 4 ص 203، و ابن أبي
الحديد في شرح النهج ج 4 ص 83-.- فترى أن أزواج النبي( ص) كن يعتقدن أنهن يرثن
منه( ص)، و لم يسمعن منه هذا الحديث المختلق، المخالف لكتاب اللّه، بل بعد وفاته
لم يتكلم به أحد إلى عشرة أيام.
و قد تقدم أن الفيىء ملك خالص
له( ص) بنص القرآن، و ليس للمسلمين فيه حق، كما صرح به( ص) في جواب سؤال عمر.
و أخرج ابن سعد في الطبقات ج 2 ص
315 كلاما لعلي عليه السلام، يعرف منه اختلاق هذا الحديث، قال: جاءت فاطمة إلى أبي
بكر تطلب ميراثها، و جاء العباس بن عبد المطلب يطلب ميراثه، و جاء معهما علي، فقال
أبو بكر: قال رسول اللّه( ص): لا نورث، ما تركناه صدقة، و ما كان النبي يعول فعلي،
فقال علي: ورث سليمان داود، و قال زكريا: يرثني و يرث من آل يعقوب؟ قال أبو بكر:
هو هكذا، و أنت و اللّه تعلم مثل ما أعلم، فقال علي: هذا كتاب اللّه ينطق ...
الحديث، و في شرح النهج ج 4 ص 81 عن أبي الطفيل، قال: أرسلت فاطمة إلى أبي بكر:
أنت ورثت رسول اللّه( ص) أم أهله؟ قال: بل أهله. قال: قلت: في هذا الحديث عجب،
لأنها قالت: أنت ورثت رسول اللّه( ص) أم أهله؟ و هذا تصريح بأنه( ص) موروث يرثه
أهله، و هو خلاف قوله لا نورث ..
ثم هناك قول علي( ع):« بلى كانت
في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء»( نهج البلاغة).
و أما مطالبتها( ع) بالنحلة، و
هي« فدك»، فقد أسلفنا جملة من مصادره فيما سبق.
أضف إلى ذلك كلامها مع علي( ع)،
بعد رجوعها من المسجد:« هذا ابن أبي قحافة، يبتزني نحيلة أبي، و بليغة ابني»، راجع
مكاتيب الرسول للعلامة الأحمدي ج 2 ص 581( ط بيروت).
أضف إلى ذلك: ما ذكره أعلام
القوم، من كلام بضعة الرسول( ص)، و شهادة علي( ع)، و أم أيمن، راجع: شرح النهج ج 4
ص 80 و 82 و الصواعق ص 22 و السيرة الحلبية ج 3 ص 362، و وفاء الوفاء ج 2 ص 161
ثم طلب أبو بكر البينة لما ادعت
أنها نحلتها، كما في الكتب المذكورة.
و تدل أيضا: على أنها( ع) أصيبت
بأبيها خير الآباء، فجلست حزينة كئيبة مشغولة بالعزاء إلى أن مضت عشرة أيام،
فبلغها أن أبا بكر أخرج عمالها من فدك. راجع: مكاتيب الرسول ج 2 ص 581، و شرح
النهج ج 4 ص 97
و مطالبتها بسهم ذوي القربى قد
أخرجه كثير من الأعلام راجع: السيرة الحلبية ج 3 ص 362، و فتوح البلدان ص 44 و
وفاء الوفاء ج 2 ص 157، و صحيح مسلم ج 2 ص 143، و معجم البلدان ج 4 ص 239، و شرح
النهج ج 4 ص 86.-.- و مطالبتها بسهم رسول اللّه( ص) من الغنيمة و الفيىء، قد ذكره
أعاظم القوم. راجع:
كنز العمال ج 3 ص 125 عن أم
هانىء، و ج 4 ص 52، و السيرة الحلبية ج 3 ص 361، و البداية و النهاية ج 5 ص 289،
و صحيح مسلم ج 2 ص 143.
و مطالبتها بصدقات رسول اللّه(
ص)، و قد صرح به أعاظم القوم، منهم: المتقي في كنز العمال ج 3 ص 129، و السمهودي
في وفاء الوفاء ج 2 ص 157، و مسلم في صحيحه ج 3 ص 144 و الحلبي في السيرة الحلبية
ج 3 ص 361، و شرح النهج لابن أبي الحديد ج 4 ص 86.
نام کتاب : نهج الحق وكشف الصدق نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 266