قال ابن أعثم في ( الفتوح ) : ( فلمّا
وصل الكتاب والشعر إلى عمرو فأتى به معاوية فأقرأه إياه ، ثمّ قال : ما كان أغناني
وإياك عن بني عبد المطلب.
فقال معاوية : صدقت أبا عبد الله ، ولكنك
قد علمت ما مرّ علينا بالأمس من القتل والهلاك ، وأظن عليّاً سيباكرنا الحرب غداً
ويعمل على المناجزة ، وقد رأيت أن أشغله أنا غداً عن الحرب بكتاب أكتبه إلى ابن
عباس ، فإن هو أجابني إلى ما أريد فذلك ، وإلاّ كتبت إلى عليّ وتحمّلت عليه بجميع
مَن في عسكره فإن أجاب ، وإلاّ صادمته وجعلتها واحدة لي أم عليَّ ، فهذا رأيي
وإنّما أريد بذلك أن أجمّ الحرب أياماً ، فقد تعلم ما نزل بنا في هذه الأيام وإن
كان عندك رأي غير هذا فهاته؟
فقال عمرو : أمّا أنا فأقول إنّ رجاءك
لا يقوم رجاءه ، ولست بمثله ، وهو رجل يقاتلك على أمر وأنت تقاتله على غيره ، وهو
يريد الفناء وأنت تريد البقاء ، وليس يخاف أهل الشام من عليّ إن ظفر بهم ما يخاف
أهل العراق إن ظفرت بهم ، وأظنك تريد مخادعة عليّ ، وأين أنت من خديعته.
فقال معاوية : فكيف ذلك؟ ألسنا ببني عبد
مناف؟
فضحك عمرو ، ثمّ قال : بلى لعمري أنت
وهو من بني عبد مناف كما تقول ولكن لهم النبوة من دونك ، فإن شئت فاكتب ) [١].