لقد مرّت صفحات قرأنا فيها عرض الوقائع
التاريخية التي أدّت إلى التأزم والتشنج بين ابن عباس وعائشة ، وذلك قبل أن تقوم
الحرب على ساق. ولمّا قامت الحرب وأنتهت وقد قتل طلحة والزبير ، وبقيت عائشة تدير
المعركة حتى إذا عُقر الجمل خسرت ربّة الجمل كثيراً من رصيدها عند ابن عباس ، بل
وعند آخرين ممن تأثروا بخطبة الإمام عليه السلام التي أوضح فيها الحكم في قتال أهل
القبلة ، وأنّه تحل دماء المقاتلين ولا تحل نساؤهم ، وقال فيها :
( وأمّا فلانة أدركها رأي النساء وضغن
غلافي صدرها ، كمرجل القين ، ولو دعيت لتنال من غيري ما أتت إليّ لم تفعل ، ولها
بعدُ حرمتُها الأولى والحساب عند الله ).
قال الشيخ محمد عبدة : ( المرجل القدر ،
والقَين ـ بالفتح ـ الحداد ، أي أنّ ضغينتها وحقدها كانا دائمي الغليان ، كقدر
الحداد ، فإنّه يغلي ما دام يصنع ، ولو دعاها أحد لتصيب من غيري غرضاً من الإساءة
والعدوان مثل ما أتت إليّ ـ أي : فعلت بي ـ لم تفعل ، لأنّ حقدها كان عليّ خاصة ...
أهـ ) [١].