فلم يكن لهما جواب إلاّ أن قالا : نريد
ما أراد ، كأنّهما يقولان الملك. فرجعت إلى عليّ فأخبرته ) [١].
ولهذه السفارة حديث أوفى فيما رواه
الشيخ المفيد في كتاب ( الجمل ) :
قال : ( ثمّ إنّ أمير المؤمنين عليه
السلام رحل بالناس إلى القوم غداة الخميس لعشر مضين من جمادي الأولى ، وعلى ميمنته
الأشتر ، وعلى ميسرته عمّار ابن ياسر ، وأعطى الراية محمّد بن الحنفية ابنه ، وسار
حتى وقف موقفاً ، ثمّ نادى في الناس : ( لا تعجلوا حتى أعذر إلى القوم ). ودعا عبد
الله بن العباس فأعطاه المصحف وقال : ( أمض بهذا المصحف إلى طلحة والزبير وعائشة ،
وأدعهم إلى ما فيه ، وقل لطلحة والزبير : ألم تبايعاني مختارَين فما الذي دعاكما
إلى نكث بيعتي ، وهذا كتاب الله بيني وبينكما؟ ).
قال عبد الله بن العباس : فبدأت بالزبير
وكان عندي أبقاهما علينا ، وكلّمته في الرجوع ، وقلت له : إنّ أمير المؤمنين يقول
لك : ألم تبايعني طائعاً فبم تستحل قتالي ، وهذا المصحف وما فيه بيني وبينك فإن
شئت تحاكمنا إليه.
قال : ارجع إلى صاحبك فإنّا بايعنا
كارهَين وما لي حاجة في محاكمته.
فانصرفت عنه إلى طلحة ، والناس يشتدون
والمصحف في يدي ،
[١] شرح النهج لابن
أبي الحديد ٢ / ٤٩٩ ط مصر الأولى.