قال : فتفرق القوم عن عليّ عليه السلام
، وقام عدي بن الخيار ، فقال : أتم الله عليك يا أمير المؤمنين النعمة وزادك في
الكرامة ، والله لأن تـُحسد أفضل من أن تَحسِد ، ولأن تُنافس أجل من أن تنافِس ، أنت
والله في حبنا الصميم ومنصبنا الكريم ، إن دعوت أُجبت ، وأن أمرت أُطعت ، فقل نفعل
وأدع نجب. جُعلت الخيرة والشورى إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ليختاروا لهم ولغيرهم ، وأنّهم ليرون مكانك ويعرفون مكان غيرك ، فاختاروك منيبين
طائعين غير مكرهين ولا مجبرين ، ما غيّرت ولا فارقت ولا بدّلت ولا خالفت ، فعلام
يقدمون عليك ، وهذا رأيهم فيك ، أنت والله كما قال الأوّل :
اذهب إليك فما للحسود
إلا طلابك تحت العثار
حكمتَ فما جُرت في خُلةٍ
فحكمك بالحقّ بادي المنار
فإن يسبعوك فسراً وقد
جهرتَ بسيفك كلّ الجهار
قال : ونزل عثمان فأتى منزله ، وأتاه
الناس وفيهم ابن عباس ، فلمّا أخذوا مجالسهم أقبل على ابن عباس ، فقال : ما لي
ولكم يا بن عباس؟ ما أغراكم بي وأولعكم بتعقّب أمري؟ أتنقمون عليّ أمر العامة ، أتيت
من وراء حقوقهم أم أمركم ، فقد جعلتهم يتمنون منزلتكم ، لا والله لكن الحسد والبغي
وتثوير الشر وإحياء الفتن ، والله لقد ألقى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إليَّ
ذلك ، وأخبرني عن أهله واحداً واحداً ، والله ما كذبت ولا أنا بمكذوب.
فقال ابن عباس : على رسلك يا أمير
المؤمنين ، فوالله ما عهدتك جَهِراً