لقيني كلّ واحد
منهما يذكر من صاحبه ما لا تبرك عليه الإبل ، فعلمت أن لا سبيل إلى صلحهما بعدها )
[١].
المحاورة
الثالثة :
روى الزبير بن بكار في كتاب ( الموفقيات
) عن عمه ، عن عيسى بن داود ، عن رجاله ، قال : قال ابن عباس رحمه الله : ( لمّا
بنى عثمان داره بالمدينة أكثر الناس عليه في ذلك فبلغه ، فخطبنا في يوم جمعة ، ثمّ
صلّى بنا ، ثمّ عاد إلى المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على رسوله ، ثمّ قال :
أمّا بعد فإنّ النعمة إذا حدثت حدث لها
حسّاد حسبها وأعداء قدرها ، وإنّ الله لم يحدث لنا نعماً ليحدث لها حسّاد عليها
ومنافسون فيها ، ولكنه قد كان من بناء منزلنا هذا ما كان إرادة جمع المال فيه وضم
القاصية إليه ، فأتانا عن أناس منكم أنّهم يقولون أخذ فيأنا وأنفق شيأنا وأستأثر
بأموالنا ، يمشون خمراً ، وينطقون سرّاً ، كأنّا غيّب عنهم ، وكأنّهم يهابون
مواجهتنا ، معرفة منهم بدحوض حجتهم ، فإذا غابوا عنا يروح بعضهم إلى بعض يذكرنا ، وقد
وجدوا على ذلك أعواناً من نظرائهم ، ومؤازرين من شبهائهم ، فبُعداً بُعداً ، ورغماً
رغماً ، ثمّ أنشد بيتين كأنّه يوميء فيهما إلى عليّ عليه السلام :
توقّد بنار أينما كنت وأشتعل
فلست ترى ممّا تعالج شافياً
تشط فيقضي الأمر دونك أهلُه
وشيكاً ولا تدعى إذا كنت نائياً
[١] شرح النهج لابن
أبي الحديد ٢ / ٣٩٩ ط مصر الأولى.