بعضه من غبش وتعتيم
، خصوصاً في محاوراته الإحتجاجية مع الخلفاء ومن لفّ لفّهم ، ونسج على نولهم ، ومهما
كان الحال فلا مناص لنا من الإلمام بشيء من البحث في موضوع ما يتوزعه ذلك المأثور
، مع لمحة عابرة عن مصادره ، كمقدمة لما سنقرأ في هذا الجزء من منقول ، فنقول :
أمّا البحث عن الموضوع فهو يستوعب
التراث الأدبي بمعناه الشامل العام ، ومن بعضه الشعر والخطب ومفردات الكلم في
الحِكم ، والجانب الأهم والأتم هو ما نقرأ من فصول نثرية ممتعة من خطب ومحاورات ، تعَلمنا
أدب الجدل والمناظرة ، وكيف يكون دفع الحجة بالحجة ، وهذا اللون يسمو بمفهومه عن
عنوان الأدب الخاص بمفهومه الشائع الذائع. وأحرى بنا أن نعدّ محاوراته الإحتجاجية
من آداب فصول علم الكلام وبحوث العقائد في الإمامة ، وابن عباس في هذا الجانب كان
ابن بجدتها ، متكلماً بارعاً ، حجة في الكلام ، قوياً في الخصام ، ( ما لاحاه أحد
إلا خصمه ) على حدّ قول عمر بن الخطاب كما سيأتي في حواره معه عن أشعر الشعراء.
وكان رموز محاوريه وهم في عنفوان
غطرستهم يتقون محاججته ، فإنّ معاوية كان يوصي أصحابه بإجتناب محاورة رجلين : الحسن
بن عليّ وعبد الله بن عباس ، لقوّة بداهتهما [١]
، وكان يقول : ( والله ما كلمت أحداً قط أعدّ جواباً ولا أعقل من ابن عباس ) [٢] ، وقوله الآخر : ( ما استنبأه أحد