نام کتاب : معراج الهداية نویسنده : سعيد يعقوب جلد : 1 صفحه : 163
شخص عادي شأنه شأن
من آمن من الآخرين ، وعلّة هذا أن يراه يتقلّب في أصلاب الأنبياء ، ولا يخالط طهره
شحوب أو رياء ، فهو من هذه الجهة ليس فقط مطمئناً للنبوّة اطمئنان من قامت عليه
الحجة فدخل في دين الله ، بل يظهر أن يعرف كنه النبوّة ، ويعرف تمام القائم بها لا
عن إعمال عقل ، وإنما عن بصيرة نبعت من ذاته ، فتراه يصفه بأنه أمام من اتقى ، ثم
في مكان آخر يعرف الناس بأنه ( بلغ الرسالة صادعاً بها ، وحمل على المحجة دالا
عليها ، وأقام أعلام الإهتداء ، ومنار البيضاء » [١].
فهو في جميع الأحوال آخذ من الله ، معطي
إلى عباده كوسيط ينقل وحيه ، ولكن ليس هذا الوسيط من الأمر في غياب عن الاندماج في
أصله ، بل مندمج فيه ، ليس دالا عليه فحسب ، بل تكاد تكون النبوة هي الشيء الوحيد
الذي عبّر به عن محمد صلىاللهعليهوآله
مع أن محمداً صلىاللهعليهوآله
بشر ، لكن ثمة ذلك الفارق الذي يفصل بين الإنسان مثلا والعمل الذي يقوم به ، فلنقل
أن فلاناً صانع سفن ، فإن الصنعة شيء يضاف إلى الإنسان ، ولا يعبّر عن حقيقته ،
وبمعنى آخر فإن كل أولي الوظائف الذين يقومون بأداء أعمالهم ، تنفصل العمال عنهم
انسانياً ، أي من حيث هم بشر من جهة ، ومن حيث أنهم يمارسون الأعمال من جهة ثانية.