نام کتاب : معراج الهداية نویسنده : سعيد يعقوب جلد : 1 صفحه : 110
الآن بعمق ماهية
الفارق بين الإمامة التي ينظر إليها الناس على أنها شكل من أشكال التقدم في شؤون
العمل الحياتي ، أياً كان هذا العمل ، وبين الإمامة التي هي مقام حمل راية الحق ،
راية النور ، المقام الذي يخرج به الله تعالى الناس من الظلمات ، وهذا منصب لا
يُعطى لأحد إلاّ بالمشيئة والقرار الإلهي.
كيف ذلك؟ نستمع إلى هذا الكلام المبارك
من قوله تعالى : ( إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل
عمران على العالمين )[١] ، إنّ مفهوم
الاصطفاء الإلهي هنا لا ينازع ، بمعنى لا مدخلية للمخلوقين في إقراره أو عدمه ،
فالمنطق الذي يحكم حمل راية الحق هو منطق الحكمة الإلهية ، وإذا كان الله مولى الذين
آمنوا (يخرجهم من الظلمات إلى
النور)[٢] قد أنجز
مشيئته في وضع الهداة إليه وحمله راية نوره ، فالحق في الإقرار بهذا أو نفيه ليس
من صلاحيات البشر.
ولقد ثبت على أرض الواقع أنّ هؤلاء
الذين اصطفاهم سبحانه هم الذين أنجزوا مشروع الدين في الناس على مدار الأزمنة ،
وإذا أراد المرء أن يتابع حركة مسيرتهم ، فإنه لن يقف على خلاف الحق ، ولن يجد
فيهم الزيغ عنه قيد أنملة ، لا لأنّها وظيفة يمارسونها ،