مدينة العلم النبويّ ، المعتكفة بعده ببابها العلوي ، المتغداة بلبانه من أمِّها الصدّيقة الطاهرة سلام الله عليها ، وقد طوت عمراً من الدهر مع الإمامين السبطين يزقّانها العلم زقّاً ، فهي اغترفت من عُباب علم آل محمد ، وعُباب فضائلهم الذي اعترف به عدوّهم الألدّ يزيد الطاغية ، بقوله في الإمام السجاد(عليه السلام) : إنه من أهل بيت زقّوا العلم زقّاً ، وقد نصَّ لها بهذه الكلمة ابن أخيها علي بن الحسين(عليه السلام) : أنت بحمد الله عالمة غير معلَّمة ، وفهمة غير مفهَّمة ، يريد(عليه السلام) أن مادة علمها من سنخ ما مُنح به رجالات بيتها الرفيع ، أفيض عليها إلهاماً ، وفي الحديث : ما أخلص عبدٌ لله تعالى أربعين صباحاً إلاّ جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ، ولا شك أن زينب الطاهرة قد أخلصت لله كل عمرها ، فماذا تحسب أن يكون المنفجر من قلبها على لسانها من ينابيع الحكمة؟
ويظهر من الفاضل الدربندي وغيره أنها(عليها السلام) كانت تعلم علم المنايا والبلايا ، كجملة من أصحاب أمير المؤمنين(عليه السلام) ، منهم ميثم التمار ورشيد الهجري وغيرهما .
وفي (الطراز المذهَّب) أن شؤونات زينب الباطنيّة ومقاماتها المعنويّة كما قيل فيها إن فضائلها وفواضلها وخصالها وبهاءها تالية أُمّها وثانيتها ، وقال ابن عنبة في (أنساب الطالبيين) : زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين(عليه السلام) ، كنيتها أم الحسن ، تروي عن أمّها فاطمة الزهراء بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) .
وقال العلاّمة الفاضل السيد نور الدين الجزائري في كتابه الفارسي المسمَّى بالخصائص الزينبية ما ترجمته عن بعض الكتب : إن زينب كان لها مجلس في بيتها أيام إقامة أبيها(عليه السلام) في الكوفة ، وكانت تفسِّر القرآن للنساء .
وفي كتاب بلاغات النساء لأبي الفضل أحمد بن أبي طاهر طيفور قال : حدَّثني أحمد بن جعفر بن سليمان الهاشمي ، قال : كانت زينب بنت علي(عليه السلام) تقول :