الجميل، والعفو الجزيل، مقرونان بشرف النبوّة وعزّ الرسالة، وقد واللّه ساءني ما كان جرى ولن أعود لمثله إلى أن أغيب في الثرى.
فكتب إليه عقيل:
صدقتَ وقلتَ حقّاً غير أنّي
أرى ألا أراك ولا تراني
ولستُ أقول سوءاً في صديقي
ولكنّي أصدّ إذا جفاني
فكتب إليه معاوية وناشده في الصفح وأجازه مئة ألف درهم حتّى رجع[1].
فقال له معاوية: لِمَ جفوتنا يا أبا يزيد؟
فأنشأ عقيل:
وإنّي امرؤ منّي التكرّم شيمةً
إذا صاحبي يوماً على الهون أضمرا
ثُمّ قال: أيم اللّه يا معاوية، لئن كانت الدنيا أفرشتك مهادها، وأظلّتك بسرادقها، ومدّت عليك أطناب سلطانها، ما ذاك بالذي يزيدك منّي رغبة ولا تخشعاً لرهبة.
فقال معاوية: لقد نعتها أبو يزيد نعتاً هشّ له قلبي، وأيم اللّه يا أبا يزيد لقد أصبحت كريماً وإلينا حبيباً وما أصبحت أضمر لك إساءة[2].
هذا حال عقيل مع معاوية، وحينئذ فأيّ نقص يلمّ به والحالة هذه؟!