إلى أنّ معنى الكلام: الطلاق مرّتان فامساك في كلّ واحدة منهما لهنّ بمعروف أو تسريح لهنّ باحسان، وقال: هذا مذهب ممّا يحتمله ظاهر التنزيل لولا الخبر الذي رواه إسماعيل بن سميع عن أبي رزين[1].
يلاحظ عليه: أنّ هذا التفسير ينافيه تخلّل الفاء بين قوله: (مَرَّتَانِ)وقوله (فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوف) فهو يفيد أنّ القيام بأحد الأمرين بعد تحقّق المرّتين، لا في أثنائهما. وعليه لابدّ أن يكون كلّ من الإمساك والتسريح أمراً متحقّقاً بعد المرّتين، ومشيراً إلى أمر وراء التطليقتين.
نعم يستفاد لزوم القيام بأحد الأمرين بعد كلّ تطليقة، من آية أخرى أعني قوله سبحانه: (وَإذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوف أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوف وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا)[2].
ولأجل الحذر عن تكرار المعنى الواحد في المقام يفسّر قوله: (فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوف أَوْ تَسْرِيحٌ بِإحْسَان) بوجه آخر سيوافيك.
ب ـ ينبغي على الزوج بعدما طلّق زوجته مرّتين، أن يفكّر في أمر زوجته أكثر ممّا مضى، فليس له بعد التطليقتين إلاّ أحد أمرين: إمّا الإمساك بمعروف وإدامة العيش معها، أو التسريح باحسان بالتطليق الثالث الذي لا رجوع بعده أبداً، إلاّ في ظرف خاص. فيكون قوله تعالى: (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإحْسَان) إشارة إلى التطليق الثالث الذي لا رجوع فيه ويكون التسريح متحقّقاً به.