نام کتاب : التعجب من أغلاط العامة في مسألة الإمامة نویسنده : الكراجكي، أبو الفتح جلد : 1 صفحه : 126
الحال، و من اطّلع في النقل و الآثار، و أشرف على السير و
الأخبار، لم يخف عليه فقر أبي بكر و صعلكته، و حاجته و مسكنته، و ضيق معيشته، و
ضعف حيلته، و أنّه كان في الجاهليّة معلّما، و في الإسلام خيّاطا، و كان أبوه سيّئ
الحال ضعيفا، يكابد فقرا مهلكا، و معيشة ضنكا، مكتسبه أكثر عمره من صيد القماريّ و
الدباسيّ[1] الذي لا
يقدر على غيره، فلمّا عمي و عجز ابنه عن القيام به التجأ إلى عبد اللّه بن جدعان
فنصبه ينادي على مائدته كلّ يوم لإحضار الأضياف، و جعل له على ذلك ما يقوته من
الطعام، فمن أين كان لأبي بكر هذا الحال، و هذه حاله و حال أبيه في الفقر و
الاختلال!؟
و هم الراوون أنّ أبا
بكر طلب يوما من منزله غشاء لقربة فلم يكن عنده شيء حتّى شقّت أسماء نطاقها فغشّت
القربة بنصفه، و زعموا أنّه سمّاها ذات النطاقين[2]. و ليس بخلاف أنّه لمّا ولي الأمر
بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله غدا إلى السوق ليتعيّش، فقال له المسلمون: لا
تفعل ففي ذلك نقص، و نحن نجعل لك من بيت مال المسلمين ما يقوتك، فجعل كلّ يوم
ثلاثة دراهم يعود بها على نفسه و عياله[3]،
و هذا يدلّ على أنّ الرجل لم يزل فقيرا من أوّل عمره إلى آخره، و لقد أحسن شاعرنا
في قوله:
و إلّا فهذا الحال من أين أصله
و فيما روي إنفاقه تجدان
[1] القمريّ: طائر، لأنّه أقمر اللون كالفاختة؛
بالحجاز.( المحيط في اللغة: 5/ 419- قمر-).
و الدّبسيّ: ضرب من الحمام،
الجمع: دباسيّ.( المعجم الوسيط: 1/ 270- دبس-).
[2] السيرة النبويّة لابن هشام: 2/ 131. تاريخ
مدينة دمشق: 30/ 79. لسان العرب: 10/ 355- نطق-
[3] انظر: صفة الصفوة: 1/ 257. شرح نهج البلاغة:
17/ 155. الغدير: 8/ 75 و ما بعدها.
نام کتاب : التعجب من أغلاط العامة في مسألة الإمامة نویسنده : الكراجكي، أبو الفتح جلد : 1 صفحه : 126