فسعى عليّ عليه السلام نحو عمرو حتّى انتهى إليه، فقال له: يا عمرو إنّك كنت تقول: لا يدعوني أحد إلى ثلاث إلاّ قبلتها أو واحدة منها، قال: أجل، قال عليه السلام: إنّي أدعوك إلى شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمداً رسول الله، وأن تسلم لربّ العالمين.
قال: يا ابن أخي أخّر هذا عنّي، فقال عليه السلام: أما أنّها خير لك لو أخذتها، ثمّ قال عليه السلام: هاهنا اُخرى، قال: وما هي؟ قال عليه السلام: ترجع من حيث أتيت، قال: لا، تحدّث[1] نساء قريش عنّي بذلك أبداً، قال عليه السلام: فهاهنا اُخرى، قال: وما هي؟ قال عليه السلام: اُبارزك وتبارزني.
فضحك عمرو وقال: إنّ هذه الخصلة ما كنت أظنّ أحداً من العرب يطلبها منّي، وأنا أكره أن أقتل الرجل الكريم مثلك، وقد كان أبوك نديماً لي، فقال عليه السلام: وأنا كذلك، ولكنّي احبّ أن أقتلك ما دمت أبيّاً للحق.
فحمى عمرو ونزل عن فرسه وضرب وجهه حتّى نفر، وأقبل على أمير المؤمنين عليه السلام مصلتاً سيفه وبدره بضربة، فنشب السيف في ترس عليّ عليه السلام، فضربه أمير المؤمنين عليه السلام[2].
قال جابر الأنصاري رحمه الله: وتجاولا وثارت بينهما فترة، وبقيا ساعة طويلة لم أرهما ولا سمعت[3] لهما صوتاً، ثمّ سمعنا التكبير فعلمنا أنّ علياً عليه السلام قد قتله، وسرّ النبي صلّى الله عليه وآله سروراً عظيماً لما سمع صوت أمير المؤمنين عليه السلام بالتكبير، وكبّر وسجد لله تعالى شكراً، وانكشف الغبار وعبر أصحاب عمرو الخندق، وانهزم عكرمة بن أبي جهل وباقي المشركين، فكانوا كما
[1] في بعض المصادر: إذاً تتحدّث، وفي بعضها الاخر: لا تتحدّث.