لعلمهم بعداوته للنبي صلّى الله عليه وآله وسألوه المعونة، فأجابهم وجمع لهم قريشاً وأتباعها من كنانة وتهامة وغطفان وأتباعها من أهل نجد، واتّفق المشركون مع اليهود، وأقبلوا بجمع عظيم، ونزلوا من فوق المسلمين ومن أسفلهم، كما قال الله تعالى: {إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم}[1].
فاشتدّ الأمر على المسلمين، وكان سلمان رضي الله عنه قد أشار بحفر الخندق، فَحُفِرَ وخرج النبي صلّى الله عليه وآله بالمسلمين وهم ثلاثة آلاف والمشركون مع اليهود يزيدون على عشرين ألفاً، وجعلوا الخندق بينهم وبين المسلمين.
وركب عمرو بن عبدود ومعه فوارس من قريش وأقبلوا حتّى وقفوا على أضيق مكان في الخندق، ثمّ ضربوا خيلهم فاقتحمته وصاروا بين الخندق والمسلمين، فخرج إليهم عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال عمرو: هل من مبارز؟ فقال عليّ عليه السلام: أنا له يا رسول الله، فقال له النبي صلّى الله عليه وآله: إنّه عمرو، فسكت.
فقال عمرو: هل من مبارز؟ فقال عليّ عليه السلام: أنا له يا رسول الله، فقال: إنّه عمرو، فسكت، ونادى عمرو ثالثة فقال علي عليه السلام: أنا له يا رسول الله، فقال: إنّه عمرو، فسكت، وكلّ ذلك يقوم عليّ عليه السلام فيأمره النبي صلّى الله عليه وآله بالثبات انتظاراً لحركة غيره من المسلمين، وكأنّ على رؤوسهم الطير لخوفهم من عمرو.
وطال نداء عمرو بطلب المبارزة، وتتابع قيام أمير المؤمنين عليه السلام، فلمّا لم يقدم أحد من الصحابة قال النبي صلّى الله عليه وآله: اُدن منّي يا عليّ، فدنا منه، فنزع عمامته من رأسه وعمّمه بها وأعطاه سيفه وقال: امض لشأنك، ودعا له ثمّ