كثيرة غابت عنك، وأنا أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين، امّا أن يكون قد ظلمت رجلا فدعا عليك فتكون هذه بهذه لا لك ولا عليك، وامّا أن تكون لك درجة في الجنّة لا تبلغها عندي إلاّ بظلمه لك، لأنّي أختبر عبادي في أموالهم وأنفسهم وربّما أمرضت العبد فقلّت صلاته وخدمته، ولصوته إذا دعاني في كربته أحبّ إليّ من صلاة المصلّين.
ولربما صلّى العبد فأضرب بها وجهه، وأحجب عنّي صوته، أتدري من ذلك يا داود؟ ذلك الذي يكثر الالتفات إلى حرم المؤمنين بعين الفسق، وذلك الذي حدّثته نفسه لو ولّي أمراً لضرب فيه الرقاب ظلماً.
يا داود نح على خطيئتك كالمرأة الثكلى على ولدها، لو رأيت الذين يأكلون الناس بألسنتهم وقد بسطتها بسط الأديم، وضربت نواحي ألسنتهم بمقامع من نار ثمّ سلّطت عليهم موبخاً لهم يقول: يا أهل النار هذا فلان السليط فاعرفوه، كم من ركعة طويلة فيها بكى وخشيته ما تساوي عند الله فتيلا، حين نظرت في قلبه فوجدته إن سلّم من صلاته وبرزت له امرأة وعرضت عليه نفسها أجابها، وإن عامله مؤمن خاتله[1].
وقال عليه السلام في صفة رفع اليدين بالدعاء: هكذا الرغبة، وبسط راحتيه باطنهما إلى السماء، وهكذا الرهبة وجعل ظهرهما إلى السماء، وقال: هكذا التضرّع ورفع اصبعيه السبابتين وحرّكهما يميناً وشمالا، وقال: هكذا التبتّل ورفع سبابتيه عالياً ونصبهما، وقال: هكذا الابتهال وبسط يديه رافعاً لهما، وقال: من ابتهل منكم فمع الدمعة يجريها على خدّيه، وينبغي للداعي أن يكون متطهّراً مستقبل القبلة[2].
ومن آداب الدعاء المواضع الشريفة، والأوقات الشريفة، وعقيب الصلاة،