وسئل ابن عباس عن صفة الذين صدقوا الله المخافة، فقال: هم قوم قلوبهم من الخوف قرحة، وأعينهم باكية، ودموعهم على خدودهم جارية، يقولون: كيف نفرح والموت من ورائنا، والقبر موردنا، والقيامة موعدنا، وعلى الله عرضنا، وشهودنا جوارحنا، والصراط على جهنّم طريقنا، وعلى الله حسابنا.
فسبحان الله وتعالى، فانّا نعوذ به من ألسن واصفة، وأعمال مخالفة مع قلوب عارفة، فإنّ العمل ثمرة العلم، والخشية والخوف ثمرة العمل، والرجاء ثمرة اليقين، ومن اشتاق إلى الجنّة اجتهد في أسباب الوصول إليها، ومن حذر النار تباعد مما يدني إليها، ومن أحب لقاء الله استعد للقائه.
وروي انّ الله تعالى يقول في بعض كتبه: يا ابن آدم أنا حيٌّ لا أموت، أطعني فيما أمرتك أجعلك حيّاً لا تموت، يا ابن آدم أنا أقول للشيء كن فيكون، أطعني فيما أمرتك أجعلك تقول للشيء كن فيكون[1].
ولذلك قال الله تعالى في كتابه العزيز: {ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون * نزلاً من غفور رحيم}[2].
وقال النبي صلى الله عليه وآله: ثلاث مهلكات وثلاث منجيات، فاما المهلكات: فشحٌّ مطاع، وهوىً متّبع، وإعجاب المرء بنفسه، واما المنجيات: فخشية الله في السر والعلانية، والقصد في الغنى والفقر، والعدل في الرضا والغضب[3].
وقال الحسن عليه السلام: لقد أصحبت[4] أقواماً كأنّهم كانوا ينظرون إلى الجنّة ونعيمها، والنار وجحيمها، يحسبهم الجاهل مرضى وما بهم من مرض، أو قد خولطوا وانّما خالطهم أمر عظيم، خوف الله ومهابته في قلوبهم.