بها للناس، و يطعم من كان بها من أهلها و يسقيهم للعسل، قال: فكان تبع فيما ذكر لي أول من كساه و أوصى به ولاته من جرهم، و أمرهم بتطهيره، و لا يقربوه ميتة، و لا دما و لا مئلاثا- و هو الحائض- و جعل له بابا و مفتاحا، و قال تبع في الشعر:
و نحرنا بالشعب ستة ألف* * * ترى الناس نحوهن ورودا
و كسونا البيت الذي حرم اللّه* * * ملاء معضدا و برودا
و أقمنا بها من الشهر ستا* * * و جعلنا لبابه اقليدا
و أمرنا به الجرهمين خيرا* * * و كانوا لحافتيه شهودا
و أمرنا ألا يقربن مئلاثا* * * و لا ميتا [1]و لا دما مفصودا
ثم سرنا نؤم قصد سهيل* * * قد رفعنا لواءنا معقودا [2]
حدثنا أحمد قال: نا يونس عن ابن إسحاق قال: فلما أراد الشخوص إلى اليمن، أراد أن يخرج حجر الركن، فيخرج به معه، فاجتمعت قريش [3] إلى خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، فقالوا: ما دخل علينا يا خويلد ان ذهب هذا بحجرنا، قال: و ما ذاك؟ قالوا: تبع يريد أن يأخذ حجرنا يحمله إلى أرضه، فقال خويلد: الموت أحسن من ذلك، ثم أخذ السيف، و خرج و خرجت معه قريش بسيوفهم حتى أتوا تبعا، فقالوا: ما ذا تريد يا تبع إلى الركن؟ فقال: أردت أن أخرج به إلى قومي، فقالت قريش: الموت أقرب من ذاك، ثم خرجوا حتى أتوا الركن، فقاموا عنده، فحالوا بينه و بين ما أراد من ذلك، فقال خويلد في ذلك شعرا:
[3] كذا، و سبق أن ذكر في الفقرة السابقة أن سكان مكة آنئذ كانوا من جرهم، و تبعا للروايات أجلت خزاعة جرهم عن مكة ثم أجلى قصي بن كلاب خزاعة عن مكة و أسكنها قومه من قريش.