امرك، و اقض ما أنت قاض، فلما رأى ذلك عمر سقط في يديه، فقال عمر لأخته: أ رأيت ما كنت تدرسين اعطيك موثقا من اللّه لا امحوها حتى اردها إليك، و لا اريبك فيها، فلما رأت ذلك اخته، و رأت حرصه على الكتاب رجت ان تكون دعوة رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) له، فقالت: إنك نجس (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)[1]، و لست آمنك على ذلك، فاغتسل غسلك من الجنابة، و اعطني موثقا (80) تطمئن إليه نفسي ففعل عمر، فدفعت إليه الصحيفة، و كان عمر يقرأ الكتاب، فقرأ «طه» حتى إذا بلغ «إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى» إلى قوله «فَتَرْدى»[2] و قرأ «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ» حتى بلغ «عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ[3]» فأسلم عند ذلك عمر، فقال لأخته، و ختنه: كيف الاسلام؟ قالا: تشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله، و تخلع الأنداد، و تكفر باللات و العزى، ففعل ذلك عمر، و خرج خباب، و كان في البيت داخلا، فكبر خباب و قال: أبشر يا عمر بكرامة اللّه فإن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) قد دعا لك أن يعز اللّه الاسلام بك، قال عمر:
فدلوني على المنزل الذي فيه رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) فقال له خباب بن الأرت: أنا أخبرك، فأخبره أنه في الدار التي في أصل الصفا، فأقبل عمر، و هو حريص على أن يلقى رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم)، و قد بلغ رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) أن عمر يطلبه ليقتله و لم يبلغه اسلامه، فلما انتهى عمر إلى الدار استفتح، فلما رأى أصحاب رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) عمر متقلدا بالسيف، أشفقوا منه، فلما رأى رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) و جل القوم قال: افتحوا له فإن كان اللّه عز و جل يريد بعمر خيرا اتبع الاسلام و صدق الرسول، و إن كان يريد غير ذلك لم يكن قتله علينا هينا، فابتدره رجال من أصحاب رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم)، و رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) يوحى إليه، فخرج