الباب الثاني في استثنائه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- في يمينه و نقضه يمينه و رجوعه عنها و كفارته
و فيه نوعان:
الأول: في استثنائه (صلّى اللّه عليه و سلّم) في يمينه:
روى أبو داود و الطبراني برجال الصحيح عن ابن عباس- رضي اللّه تعالى عنهما- أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال يوما «و اللّه، لأغزونّ قريشا»، ثم قال: «إن شاء اللّه»، ثم قال: «و اللّه لأغزون قريشا»، ثم قال: «إن شاء اللّه» [1].
و روي عن أبي موسى الأشعري- رضي اللّه تعالى عنه- قال: أتيت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) في رهط من الأشعريين [2].
و روى الطبراني عن ابن عباس- رضي اللّه تعالى عنهما- في قوله تعالى: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ [الكهف: 24] الاستثناء فاستثنى إذا ذكرت، قال: هي خاصية لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) و ليس لأحدنا أن يستثنى إلا في صلة يمينه.
الثاني: في أنه (صلّى اللّه عليه و سلّم) كان إذا حلف على يمين فرأى خيرا منها كفر عن يمينه و أتى التي هي خير:
و روى البزار و الإمام أحمد و رجاله ثقات عن أنس- رضي اللّه تعالى عنه- أن أبا موسى استحمل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فوافق منه شغلا، فقال: و اللّه، لا أحملك، فلما قفا، دعاه فحمله، فقال: يا رسول اللّه، إنك حلفت ألا تحملني، قال: فأنا أحلف لأحملنّك [3].
و روى الطّبراني عن عمران بن الحصين- رضي اللّه تعالى عنهما- قال: أتيت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) أستحمله في نفر من قومي، قال: و اللّه، لا أحملك و اللّه ما عندي ما أحملك عليه، مرتين، فأتى النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) ثلاثة أحمال غرّ الذرى، فأرسل إلينا فحملنا، فلما مضينا قلت لأصحابي: ما أراه مبارك لنا فيها، قد حلف رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) أن لا يحملنا، ثم حملنا، فرجعنا
[1] أخرجه أبو داود الأيمان و النذور (2/ 250) رقم (3286).
[2] أخرجه البخاري 11/ 60 (6718) و مسلم (3/ 1269، 7/ 1649) «في ما أنا حملتكم بل اللّه حملكم إني و اللّه إن شاء اللّه لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلّا كفرت عن يميني و أتيت الذي هو خير».