تعالى عنها- وهبت يومها لعائشة، و كان النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) يقسم لعائشة يومها و يوم سودة [1].
و روى الإمام أحمد عن صفيّة بنت حييّ زوج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) حج بنسائه حتى إذا كان ببعض الطريق نزل رجل فساق بهن يعني النساء فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم):
«كذلك سوقك بالقوارير، يعني بالنّساء، فبينما هم يسيرون برك بصفيّة جملها، و كانت من أحسنهن ظهرا، فبكت، فجاء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) حين أخبر بذلك، فجعل يمسح دموعها، و جعلت تزداد بكاء و هو ينهاها فلما أكثرت زجرها و انتهرها، و أمر الناس فنزلوا، و لم يكن يريد أن ينزل قالت: فنزلوا، و كان يومي فلما نزلوا ضرب خباء النبيّ (صلّى اللّه عليه و سلّم) و دخل فيه فلم أدر علام اهجم من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) و خشيت أن يكون في نفسه شيء فانطلقت إلى عائشة، فقلت لها: تعلمين أنّي لم أكن أبيع يومي من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) بشيء أبدا، و إني قد وهبت يومي لك على أن ترضي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) عنّي، قالت: نعم، قالت: فأخذت عائشة خمارا لها قد ثردته بزعفران و رشّته بالماء لتزكّي ريحه، ثم لبست ثيابها ثم انطلقت إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فرفعت طرف الخباء فقال لها: مالك يا عائشة، إنّ هذا ليس يومك، قالت: ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء، فقال مع أهله، فلمّا كان عند الرّواح، قالت لزينب بنت جحش، أفقري لأختك صفيّة جملا و كانت من أكثرهن ظهرا، فقالت: أنا أفقر يهوديّتك، فغضب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) حين سمع ذلك منها، فهجرها، فلم يكلّمها حتى قدم مكّة و أيام منى من سفره حتّى رجع إلى المدينة و المحرّم و صفر فلم يأتها و لم يقسم لها فأيست منه فلمّا كان شهر ربيع الأول دخل عليها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فرأت ظلّه، فقالت: إنّ هذا الظّلّ ظلّ رجل و ما يدخل عليّ النبيّ (صلّى اللّه عليه و سلّم) فمن هذا؟
فدخل عليها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فلمّا رأته، قالت: رسول اللّه! ما أدري ما أصنع حين دخلت عليّ و كانت لها جارية تخبّئها من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فقالت: فلانة لك، فمشى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) إلى سرير زينب و كان قد رفع فوضعه بيده، ثم أصاب أهله، و تقدّم بعضه في باب طلاقه [2].
تنبيهات
الأول: قال في (زاد المعاد): كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) يطوف على نسائه في الليلة الواحدة و كان قد أعطي قوة ثلاثين في الجماع و غيره و أباح اللّه تعالى له في ذلك ما لم يبحه إلى أحد من أمّته و كان يقسم بينهن في المبيت و الإيواء و النّفقة و أما المحبّة
فكان يقول: اللّهمّ هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك،
قيل: هو الحبّ و الجماع و لا تجب التّسوية في ذلك، لأنه فيما لا يملك.
[1] أخرجه البخاري 9/ 312 (5212) و مسلم 2/ 1085 (47/ 1463).