responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 9  صفحه : 427

حتى يشتمل على الغثّ و السمين، فلا تتساوى رسالتان و لا قصيدتان، بل تشتمل قصيدة على أبيات فصيحة و أبيات سخيفة، و كذلك تشتمل القصائد و الأشعار على أغراض مختلفة، لأن الشعراء و الفصحاء في كلّ واد يهيمون، فتارة يمدحون الدنيا، و تارة يذمونها، و تارة يمدحون الجبن و يسمونه حزما، و تارة يذمونه و يسمونه ضعفا، و تارة يمدحون الشجاعة و يسمونها صرامة، و تارة يذمّونها و يسمّونها تهوّرا، و لا ينفك كلام آدمي عن هذه الاختلافات، لأن منشأها اختلاف الأغراض و الأحوال، و الإنسان تختلف أحواله فتساعده الفصاحة عند انبساط الطبع و فرحه، و تتعذر عليه عند الانقباض، و كذلك تختلف أغراضه، فيميل إلى الشي‌ء مرّة، و يميل عنه أخرى، فيوجب ذلك اختلافا في كلامه بالضرورة، فلا يصادف إنسان يتكلم في ثلاث و عشرين سنة- و هي مدة نزول القرآن- فيتكلم على غرض واحد و منهاج واحد، و لقد كان النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) بشرا تختلف أحواله. فلو كان هذا كلامه أو كلام غيره من البشر لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.

الثامنة: قال البارزي في أول كتابه «أنوار التحصيل في أسرار التنزيل»: اعلم أنّ المعنى الواحد قد يخبر عنه بألفاظ بعضها أحسن من بعض، و كذلك كلّ واحد من جزأي الجملة، قد يعبّر عنه بأفصح ما يلائم الجزء الآخر، و لا بد من استحضار معاني الجمل، أو استحضار جميع ما يلائمها من الألفاظ، ثم استعمال أنسبها و أفصحها، و استحضار هذا متعذّر على البشر في أكثر الأحوال، و ذلك عتيد حاصل في علم اللّه تعالى، فلذلك كان القرآن أحسن الحديث و أفصحه، و إن كان مشتملا على الفصيح و الأفصح، و المليح و الأملح، و لذلك أمثلة، منها قوله تعالى: وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ‌، [الرحمن/ 54] لو قال مكانه: «و ثمر الجنتين قريب»، لم يقم مقامه من جهة الجناس بين الجني و الجنتين، و من جهة أن الثمر لا يشعر بمصيره إلى حال يجنى فيها، و من جهة مؤاخاة الفواصل. و منها قوله تعالى: وَ ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ‌ [العنكبوت/ 48]، أحسن من التعبير ب «تقرأ» لثقله بالهمزة. و منها لا رَيْبَ فِيهِ‌ [البقرة/ 2] أحسن من «لا شك فيه» لثقل الإدغام، و لهذا كثر ذكر الريب منها. وَ لا تَهِنُوا [آل عمران/ 139]، أحسن من «و لا تضعفوا» لخفته. و وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي‌ [مريم/ 4] أحسن من «ضعف» لأن الفتحة أخف من الضمة. و منها آمَنَ‌ أخفّ من «صدق»، و لذا كان ذكره أكثر من ذكر التصديق و آثَرَكَ اللَّهُ‌ [يوسف/ 91] أخفّ من «فضلك» و آتَى‌ أخف من «أعطى». و أُنْذِرَ [يس/ 6] أخفّ من «خوف». و خَيْرٌ لَكُمْ‌ [البقرة/ 54] أخفّ من «أفضل لكم»، و المصدر في نحو هذا خَلْقُ اللَّهِ‌ [لقمان/ 11]، يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ‌ [البقرة/ 3]، أخف من «مخلوق» و «الغائب»، و تَنْكِحَ‌ [البقرة/ 230] أخف من «تتزوج»، لأن «تفعل» أخف من «تفعّل»، و لهذا كان ذكر النكاح فيه أكثر.

نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 9  صفحه : 427
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست