responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 9  صفحه : 407

الابتداء و الواسطة من دليل العقل بتجويزه إياه إذا جاز هذا و لم يستحل، و جاءت الرسل- (عليهم الصلاة و السلام)- بما دلّ على صدقهم من معجزات وجب على المرسل إليهم تصديقهم في جميع ما أتوا به مما كلفوا بتبليغه لأن المعجزة مع التحدي من النبي قائم مقام قول اللّه: صدق عبدي فأطيعوه و اتّبعوه و شاهد على صدقه فيما يقوله من دعواه النبوة و الرسالة إلى من أرسل إليهم، و هذا كان في قضائه بإمكان ما ذكر و أن المعجز مؤذن بصدق النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) لقيامه مقام إخبار اللّه تعالى بأنه صادق تجري عادته في خلق العلم بصدقهم علما ضروريا.

الفصل الثالث‌

قال القاضي- (رحمه اللّه تعالى)-: اعلم أن تسميتنا ما جاءت به الأنبياء من الآيات الخارقة للعادة معجزة هو أنّ الخلق عجزوا عن الإتيان بمثلها، فكان عجزهم عنها سببا لتسميتها معجزة من العجز المقابل للقدرة، و حقيقة الإعجاز إثبات عجز المرسل إليهم، استعير لإظهار عجزهم ثم استند إلى ما هو سبب لإظهاره من الخوارق، و المعجزة على ضربين: من حيث كونها مقدورة للبشر و غير مقدورة، و له ضرب هو من نوع ما يمكن دخوله تحت قدرة البشر و يمكنهم الإتيان به فعجزوا عنه فتعجيز اللّه إياهم عنه فعل للّه تعالى دل على صدق نبيه (صلّى اللّه عليه و سلّم) لأنه كصريح قوله: صدق عبدي في دعواه الرسالة لجري العادة بخلقه تعالى علما ضروريا بصدقه كمن قال لجمع أنا رسول اللّه- تعالى- إليكم ثم نتق فوقهم جبلا، ثم قال: إن كذبتموني وقع عليكم و إلا انصرف عنكم فكلما هموا بتصديقه بعد عنهم أو تكذيبه قرب منهم، فإنهم يعلمون ضرورة صدقه مع قضاء العادة بامتناع صدور ذلك من الكاذب منهم، كصرف اليهود عن تمني الموت إذ يعجزهم عن تمنيه مع إمكانه فيعلمون ضرورة أنه صادق.

و ضرب من المعجزة و هو خارج عن قدرتهم، فلم يقدروا على الإتيان بمثله كإحياء الموتى، إذ ليس من جنس أفعالهم و أما إحياؤهم على يد عيسى (صلّى اللّه عليه و سلّم) معجزة له، فكأنما كان من اللّه تعالى لأمّته شهادة، و إحياء الموتى بإذن اللّه تعالى «و أن تخرج الموتى بإذني» و قلب العصا حية تسمى معجزة لموسى (صلّى اللّه عليه و سلّم)، و إخراج ناقة من صخرة بلا واسطة و أسباب معهودة معجزة لصالح (صلّى اللّه عليه و سلّم)، و كلام الشجرة، و نبع الماء من بين الأصابع و انشقاق القمر معجزات لنبينا (صلّى اللّه عليه و سلّم) مما لا يمكن أن يفعله أحد إلا اللّه فيكون ذلك على يد النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) من فعل اللّه تعالى حقيقة و تحدّيه من يكذبه إن طلب منه أن يأتي بمثله تعجيز له عن ذلك.

و اعلم أن المعجزات التي ظهرت على يد نبيّنا (صلّى اللّه عليه و سلّم) و دلائل نبوته و براهين صدقه من هذين النوعين معا أي لما هو من نوع قدرة البشر، و ما هو خارج عنها، و هو (صلّى اللّه عليه و سلّم) أكثر الأنبياء معجزة، و أبهرهم آية و أظهرهم برهانا، و هي مع كثرتها لا يحيط بها ضبط فإن واحدا منها و هو

نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 9  صفحه : 407
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست