تبوك و إن جهينة لحقوه بالرحبة فقال لهم: من أهل ذي المروة؟ فقالوا: بنو رفاعة بن جهينة، فقال لهم: قد أقطعتها لبني رفاعة فاقتسموها فمنهم من باع و منهم من أمسك
و روى أبو بكر أحمد بن عمر بن عاصم النبيل عن مجاعة بن مرارة من بني سلمة اليمانيّ- رضي اللّه تعالى عنه- قال: أتيت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فأقطعني الغورة و عوانة و الجبل و كتب لي: بسم اللّه الرحمن الرحيم إني أقطعتك العورة و العوانة و الجبل فمن حاجّك فإليّ ثم أتيت أبا بكر بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فأقطعني الغواة ثم أتيت عمر بعد أبي بكر فأقطعني.
و روى أيضا عن سراج بن هلال بن سراج بن مجّاعة قال: و فدتّ إلى عمر بن عبد العزيز فأخرجت إليه هذا الكتاب فقبّله و وضعه على عينيه [2].
الثاني: في ارتجاعه (صلّى اللّه عليه و سلّم) بعد ما أقطعه إذا تبين له أنه لا يقطع:
و روى الباوردي عن أبيض بن حمال- رضي اللّه تعالى عنه- أنه وفد إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) و سلم فاستقطعه الملح الذي يقال له شدا بمأرب فأقطعه له فلما ولّى قال الأقرع بن حابس: يا رسول اللّه، إني قد وردتّ الملح في الجاهلية، و هي بأرض ليس بها ماء و من ورده أخذه، و هو مثل الماء العذب فانتزعه منه و في رواية و استقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) أبيض بن حمال في قطيعته في الملح، فقال: لقد أقلتك منه على أن تجعله صدقة، فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «هو منك صدقة و هو مثل العدّ» [3] و هو مثل الماء العذب من ورده أخذه فقطع له النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) أرضا و غيلا بالجوف جوف مراد حين أقاله منه.
و روى الدارمي و أبو داود و التّرمذي و قال غريب و النّسائيّ و ابن ماجة و ابن حبّان و الدّار قطنيّ و الطبراني في الكبير و ابن أبي عاصم و الباوردي و ابن قانع و أبو نعيم في الصحابة عن أبيض بن حمال أنه وفد إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فاستقطعه الملح الذي بمأرب فقطعه له فلمّا أن ولى، قال رجل من المجلس: أ تدري ما أقطعت له الماء العد فانتزع منه؟ قال و سأله عن ما يحمى من الأراك، قال: ما لم تنله خفاف الإبل و رواه البغويّ إلى قوله «العد» فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فلا إذن.
و روى أبو داود عن محمد بن الحسن المخزومي «ما لا تنله أخفاف الإبل- يعني أنّ الإبل تأكل منتهى رؤوسها و يحمى ما فوقه».