جمرة، فقال له: اجلس، ثم قال: «من يحلب هذه؟» فقال رجل: أنا فقال له رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم):
ما اسمك؟ فقال: يعيش، فقال له رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) «احلبها».
و روى الحكيم الترمذي و القاسم بن أصبع عن عبد اللَّه بن بريدة نحوه قال: كان رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) لا يتطير و لكن يتفاءل، و كانت قريش جعلت مائة من الإبل لمن يأخذ رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) حيث توجه إلى المدينة، فرد إليهم، فركب بريدة في سبعين راكبا من قريش، فتلقّى رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فقال له نبيّ اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): من أنت؟ قال: أنا بريدة، فالتفت إلى أبي بكر- رضي اللَّه تعالى عنه- فقال: يا أبا بكر، برّد أمرنا و صلّح قال و ممن أنت؟ قال: من أسلم، فقال لأبي بكر: سلمنا، قال: و ممن؟ قال: من بني سهم، قال: خرج سهمك، فأسلم بريدة، و أسلم الذين معه،
و تقدمت القصة في حديث الهجرة.
و روى الطبراني برجال ثقات غير كثير بن عبد اللَّه ضعيف، و حسّن له الترمذي عن عمرو بن عوف المزنيّ- رضي اللَّه تعالى عنه- أن رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) سمع رجلا يقول: هاكها خضرة، فقال رسول اللَّه: «يا لبّيك، نحن أخذنا ذلك من فيك اخرجوا بنا إلى خضرة»، فخرجوا إليها فما سلّ فيها سيف و رواه أبو نعيم في الطّبّ من حديث عبد اللَّه بن كثير المزنيّ عن أبيه عن جدّه.
و روى الشيخان عن أنس- رضي اللَّه تعالى عنه- أن رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال: «لا عدوى و لا طيرة، و يعجبني الفأل الصّالح، و الكلمة الطّيّبة».
تنبيهات
الأول: قال ابن القيم في المفتاح في قوله «لا عدوى» هذا يحتمل أن يكون نفيا و أن يكون نهيا أي: لا تطيّروا، و لكن قوله في الحديث «لا عدوى و لا صفر و لا هامّة يدل على أن المراد النّهي و إبطال هذه الأمور التي كانت الجاهلية تعنيها، و النفي في هذا أبلغ، لأن النفي يدل على بطلان ذلك، و عدم تأثيره، و النهي يدل على المنع منه انتهى.
و روي: و الفأل الصالح أي هو من تتمة الحديث المرفوع، و ليس مدرجا بذلك الأثر قاله الخطابي و ابن الأثير.
قال الخطابي: قد أعلم النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) أن الفأل هو أن يسمع الإنسان الكلمة الحسنة، فيفأل بها أي يتبرّك بها، و يتأوّلها على المعنى الذي يطابق اسمها و أن الطّيرة بخلافها، و إنما أخذت من اسم الطّير، و ذلك أن العرب كانت تتشاءم ببروح الطّير إذا كانت في سفر أو مسير