و روى الإمام أحمد عن ابن عمرو- رضي اللّه تعالى عنهما- قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): من ردّته الطّيرة عن حاجته، فقد أشرك قالوا: يا رسول اللّه ما كفّارة ذلك؟ قال: أن يقول: اللّهمّ، لا خير إلا خيرك، و لا طير إلا طيرك، و اللّه تعالى أعلم.
الثامن و العشرون: في بعض فتاويه (صلّى اللّه عليه و سلّم) في الرّقاق، و ما يلتحق بها و غير ذلك.
روى الإمام أحمد و الترمذي و صحّحه عن ابن عمر- رضي اللّه تعالى عنهما- أن رجلا أتى النبيّ (صلّى اللّه عليه و سلّم) فقال: يا رسول اللّه، إنّي أصبت ذنبا عظيما، فهل لي من توبة؟ قال: هل لك من أمّ؟ قال: لا، قال: فهل لك من خالة؟ قال: نعم، قال: فبرّها.
و روى النسائي عن ابن عباس- رضي اللّه تعالى عنهما- قال: كان رجل من الأنصار أسلم، ثم ارتدّ و لحق بالمشركين، ثمّ ندم فجاء قومه إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم)، فقالوا: هل له من توبة؟ فنزلت: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ [آل عمران/ 86] إلى قوله تعالى «غَفُورٌ رَحِيمٌ» فأرسل إليه، فأسلم.
و روى ابن أبي الدنيا في التوبة عن أبي رافع- رضي اللّه تعالى عنه- أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) سئل كم للمؤمنين من ستر؟ قال: هي أكثر من أن يحصى، و لكن المؤمن إذا عمل خطيئة هتك منها سترا، فإذا تاب رجع إليه ذلك السّتر و تسعة معه، و إذا لم يتب هتك عنه منها ستر واحد حتّى إذا لم يبق عليه منها شيء قال اللّه تعالى لمن يشاء من ملائكته: إنّ بني آدم يعيرون و لا يغفرون، فحفوه بأجنحتكم، فيفعلون به ذلك، فإن تاب رجعت إليه الأستار كلها، و إن لم يتب عجبت منه الملائكة، فيقول اللّه لهم، أسلموه، فيسلموه حتى لا يستر منه عورة.
و روى الطبراني و البزار عن عقبة بن عامر- رضي اللّه تعالى عنه- أنّ رجلا قال: يا رسول اللّه، أحدنا يذنب قال: يكتب عليه، قال: ثمّ يستغفر منه، و يتوب، قال: يغفر له، و يتاب عليه، قال: فيعود فيذنب، قال: فيكتب عليه قال ثم يستغفر منه و يتوب. قال: يغفر له و يتاب عليه و لا يملّ اللّه حتّى تملّوا.
و روى البخاري عن سهل بن سعد السّاعدي- رضي اللّه تعالى عنه- قال: مرّ رجل على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فقال: لرجل عنده جالس ما رأيك في هذا؟ فقال رجل من أشراف الناس: هذا- و اللّه حريّ- إن خطب أن ينكح، و إن شفع أن يشفّع، قال: فسكت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) ثم مرّ رجل، فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): ما رأيك في هذا؟ فقال: يا رسول اللّه، هذا رجل من فقراء المسلمين، هذا حريّ إن خطب أن لا ينكح، و إن شفع أن لا يشفّع و إن قال أن لا يسمع لقوله، فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): هذا خير من ملء الأرض من مثل هذا.