و روى الطبراني من طرق عن كعب بن مالك- رضي اللّه تعالى عنه- قال كان معاذ بن جبل شابا جميلا من خير شباب قومه لا يسأل شيئا إلا أعطاه حتى أدان دينا أغلق ماله و في لفظ «أحاط ذلك بماله فقال معاذ: يا رسول اللّه ما جعلت في نفسي حين أسلمت أن أبخل بمال ملكته و إني أنفقت مالي في أمر الإسلام و المسلمين فأبقى ذلك عليّ دينا عظيما، فادع غرمائي فاسترفقهم فإن أرفقوني فسبيل ذلك فإن أبوا فاجعلني لهم من مالي فدعا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) غرماءه فعرض عليهم أن يرفقوا به فقالوا: نحن نحب أموالنا، و في لفظ: فكلم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) غرمائه فلم يضعوا له شيئا، فلو ترك لأحد بكلام أحد لترك لمعاذ بكلام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم)، فلم يبرح حتى باع ماله كله و قسمه بين غرمائه، فقام معاذ لا مال له، فلما حج بعثه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) إلى اليمن.
و في لفظ: حجر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) على معاذ بن جبل و باعه بدين كان عليه [1].
الحادي عشر: في سيرته في المعاملات:
روى الإمام أحمد و أبو داود عن رجل من الصحابة- رضي اللّه تعالى عنهم- أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال «الناس شركاء في ثلاث في الماء و الكلأ و النار» [2].
و روى عبد اللّه بن الإمام أحمد في زوائد المسند عن عبادة بن الصامت- رضي اللّه تعالى عنه- أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قضى بين أهل المدينة في النخل لا يمنع نقع بئر و قضى بين أهل البادية أن لا يمنع فضل ماء ليمنع به الكلأ [3].
و روى الإمام أحمد و ابن ماجة عن عائشة- رضي اللّه تعالى عنها- قالت: نهى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) أن يمنع نقع البئر [4].
و روى مسدد مرسلا برجال ثقات عن ابن المسيب- (رحمه اللّه تعالى)- أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال «حريم قليب البئر العادية خمسون ذراعا، و حريم البديء خمسة و عشرون ذراعا
قال سعيد: و لم يرفعه و حريم قليب الزرع ثلاثمائة ذراع» [5].
و روى ابن ماجة عن ابن عمر- رضي اللّه تعالى عنه- قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «حريم النخلة» [6] مد جريدها.
[1] أخرجه عبد الرزاق 8/ 268 (15177) و أبو داود في المراسيل (152) و ذكره الحافظ في المطالب 1/ 416 (1389) و البيهقي 6/ 48.
[2] أخرجه من طريق أبي خداش عن رجل من أصحاب النبي (صلّى اللّه عليه و سلّم) أحمد 5/ 364 و أبو داود 3/ 750 (3477) و من حديث ابن عباس أخرجه ابن ماجة 2/ 826 (2472) و ابن السكن كما في التلخيص 3/ 65 و في إسناده عبد اللّه بن خداش متروك و لكبر الحديث طرق أخرى يقوي بعضها بعض.
[3] أحمد 2/ 273، 6/ 112، 252 و الحميدي (1124) و الحاكم 2/ 61 و البيهقي 6/ 152.
[4] أخرجه أحم 3/ 39، 268 و ابن أبي شيبة 6/ 258 و البيهقي 6/ 152.
[5] أخرجه الحاكم 4/ 97 و انظر نصب الرابة 4/ 393 و ابن حجر في المطالب (1399).