جماع أبواب سيرته- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- في العلم و ذكر بعض مروياته و فتاويه
الباب الأول في آدابه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- في العلم
و فيه أنواع:
الأول: في قوله (صلّى اللّه عليه و سلّم) (لا أدري). (و اللّه أعلم) (إذا سئل عن شيء لا يعلمه):
و روى الحارث بن أبي أسامة و أبو يعلى و الإمام أحمد عن جبير بن مطعم- رضي اللّه تعالى عنه- أن رجلا أتى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فقال: أي البلاد شر؟ فقال: لا أدري، فلما أتى جبريل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال: يا جبريل، أي البلاد شر؟ قال: لا أدري حتى أسأل ربي تبارك و تعالى، فانطلق جبريل، فمكث ما شاء اللّه ثم جاء، فقال: يا محمد، إنك سألتني أي البلاد شر، قلت:
لا أدري، و إني سألت ربي تبارك و تعالى، فقلت: أي البلاد شر؟ فقال: أسواقها.
و روى أبو يعلى و ابن حبان و الطبراني و البيهقي عن ابن عمر- رضي اللّه تعالى عنه- قال: جاء رجل إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) فقال: يا رسول اللّه، أيّ البقاع خير؟ قال: «لا أدري»، أو سكت، فأتاه جبريل، فسأله، فقال: لا أدري، فقال: سل ربّك، قال: ما أسأله عن شيء و انتفض انتفاضة كاد يصعق منها (صلّى اللّه عليه و سلّم) فلما صعد جبريل (صلّى اللّه عليه و سلّم) قال اللّه- عز و جلّ-: سألك محمد: أي البقاع خير؟ فقلت: لا أدري، قال: نعم، قال، فحدثه أن خير البقاع المساجد، و أن شرّ البقاع الأسواق [1].
و روى الحاكم عن أبي هريرة- رضي اللّه تعالى عنه- قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) ما أدري ذو القرنين كان نبيّا أم لا؟ و ما أدري الحدود كفّارات لأهلها أم لا [2].
و روى أبو داود و بسند صحيح عن أبي هريرة- رضي اللّه تعالى عنه- قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «ما أدري تبّع مسلم هو أم لا، و ما أدري عزير نبي هو أم لا».
و روى الشيخان عن أبي هريرة- رضي اللّه تعالى عنه- قال: سئل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) عن أطفال المشركين عمن يموت منهم، و هو صغير، فقال، اللّه أعلم بما كانوا عاملين [3].
[1] أخرجه الحاكم في المستدرك 1/ 89، 80، 2/ 7 و انظر المجمع 4/ 76 المطالب العالية (500).
[2] أخرجه البيهقي 8/ 329 و ابن عبد البر في جامع بيان العلم و فضله (2/ 50) و الحاكم (2/ 450) و الحاكم 1/ 36، 2/ 450 و ابن الجوزي و البيهقي 1/ 329 ذاد المسير 7/ 347 و انظر كنز العمال (34086) (34087).
[3] أخرجه البخاري 3/ 245 (1384) و مسلم 4/ 2049 (26/ 2659).