تعالى- قال: مررت بمسجد بني حنيفة، و هم يقولون: إن مسيلمة رسول اللّه، فأتيت ابن مسعود، فأخبرته فاستتابهم، فتابوا، فخلّى سبيلهم، و ضرب عنق ابن النواحة فقالوا أخذت قوما في أمر واحد، فقتلت بعضهم و تركت بعضهم، فقال: إني سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) و قد وفد عليه هذا و ابن أثال بن حجر، فقال: أ تشهدان أنّي رسول اللّه، فقالا تشهد أنت أن مسيلمة رسول اللّه، فقال رسول اللّه: آمنت باللّه و رسله، و لو كنت قاتلا وفدا لقتلتكما، قال: فلذلك قتلته [1].
و روى الإمام أحمد و أبو داود عن سلمة بن نعيم عن أبيه- رضي اللّه تعالى عنه- قال:
سمعت رسول اللّه يقول لهما حين قرأ كتاب مسيلمة ما تقولان أنتما؟ قالا: نقول: كما قال، قال: أما و اللّه، لولا أنّ الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما [2].
و روى الإمام أحمد و البزّار و أبو يعلى بسند حسن و مسدّد و ابن منيع، و ابن حبان، و رواه أبو داود مختصرا عن أبي وائل- (رحمه اللّه تعالى)- قال: قال عبد اللّه بن مسعود حين قتل ابن النّواحة إن هذا و ابن أثال كانا أتيا لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) رسولين لمسيلمة الكذّاب، فقال لهما رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم): «أ تشهدان أني رسول اللّه؟» قالا: لا، نشهد أن مسيلمة رسول اللّه، قال: لو كنت قاتلا وفدا لضربت أعناقكما، قال: فجرت السنة أن الرسل لا تقتل، فأما ابن أثال فكفاناه اللّه- عز و جل-، و أما هذا فلم يزل ذلك فيه حتى أمكن اللّه منه [3].
و روى الإمام أحمد و البزار و الشيخان عن أنس بن مالك عن أبي طلحة- رضي اللّه تعالى عنهما- أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) كان إذا ظهر على قوم أقام بعرصتهم ثلاثا و رواه أبو داود [4] بلفظ: «إذا غاب قوما أحب أن يقيم بعرصتهم ثلاثا».
و روى الإمام أحمد و الطبراني عن ابن عباس- رضي اللّه تعالى عنهما- أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) كان يعتق من جاءه من العبيد قبل مواليهم إذا أسلموا، و قد أعتق يوم الطائف رجلين،
و في رواية قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) يوم الطائف: «من خرج إلينا من العبيد فهو حرّ»،
فخرج إليه عبيد فيهم أبو بكرة فأعتقهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) و روى الطبراني برجال الصحيح عن أبي بكر
[2] أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد باب (165) و البيهقي 9/ 211 و انظر البداية و النهاية 5/ 51 و الدارمي 2/ 235 و الطحاوي في المشكل 4/ 61 و في المعاني 3/ 212.