السابع عشر: في امتناعه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- من قراءة القرآن و هو جنب.
روى الإمام أحمد، و الأربعة، و الدارقطني عن علي- رضي اللّه تعالى عنه- قال: «كان رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- يقضي حاجته ثمّ يخرج فيقرأ القرآن و يأكل معنا اللّحم و لا يحجزه و ربّما قال: لا يحجبه من القرآن شيء ليس الجنابة» [1].
و روى الترمذي و قال: حسن صحيح عنه قال: «كان رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- يقرئنا القرآن على كلّ حال، ما لم يكن جنبا» [2].
تنبيهات
الأول: نقل أبو عمر: اتفاق أهل السير أن غسل الجنابة فرض و رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- بمكة، كما افترضت الصلاة و أنه لم يصلّ قط إلا بوضوء، قال: لا يجهله عالم.
الثاني: ما رواه البخاري عن ميمونة ثمّ نحّى رجليه فغسلهما، فيه التصريح بتأخير الرّجلين في وضوء الغسل إلى آخره، و هو مخالف لظاهر رواية عائشة، و يمكن الجمع بينهما بأن يحمل رواية عائشة على المجاز، و إما بحالة أخرى، و بحسب اختلاف هاتين الحالتين اختلاف العلماء، فذهب الجمهور إلى استحباب تأخير الرجلين.
و عن مالك: إن كان المكان غير نظيف فالمستحب تأخيرهما، و إلا فالتقديم.
و عند الشافعية في الأفضل قولان.
قال النووي أصحهما، و أشهرهما، و مختارهما: أنه يكمل وضوءه.
الثالث: قول عائشة- رضي اللّه تعالى عنها- و توضّأ وضوء الصّلاة، أي وضوءه كما للصّلاة أي وضوءا شرعيا لا لغويا.
الرابع: لا يتيمم عند إرادة النوم. يحتمل أن يكون التيمم هنا عند عسر وجود الماء، و قيل: غير ذلك.
الخامس: في بيان غريب ما سبق.
الحلاب بكسر الحاء و تخفيف اللام و موحدة، قال الخطابي و المنذري هو: إناء يسع قدر حلب ناقة، و يقال له: المحلب بكسر الميم، و ترجم البخاري عليه: باب من بدأ بالحلاب و الطيب عند الغسل، فدل على أن عنده جراب من الطيب و هذا لا يعرف في الطيب،
[1] أخرجه أحمد في المسند 1/ 83 و أبو داود 1/ 59 (229) و الترمذي 1/ 273 (146) و النسائي 1/ 118 و ابن ماجة 1/ 195 (594) و الطحاوي في معاني الآثار 1/ 87 و ابن الجارود ص 52- 53 و الحاكم 4/ 107 و أحمد 5/ 187.