فنادى بذلك، فرجع ناس، و في القوم رجل على بكر صعب، فمر من الليل على سواد فنفر به، فصرعه فوقصه، فلما جيء به إلى رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- قال: «ما شأن صاحبكم؟»، قالوا: من أمره كذا و كذا، قال: «يا بلال: ما كنت أذّنت في الناس: من كان مضعفا معنا فليرجع»، قال: بلى فأبى أن يصلي عليه» و رواه الطبراني- بسند جيد- و رواه أيضا الإمام أحمد، و سنده حسن عن ثوبان- رضي اللّه تعالى عنه- و فيه ثم «أمر مناديا ينادي في الناس، إن الجنة لا تحل لعاص ثلاث مرات» [1].
و روى الإمام أحمد برجال الصحيح، و هو فيه باختصار عن عمران بن حصين- رضي اللّه تعالى عنهما- أن رجلا أعتق عند موته ستة رجلة له و في لفظ ستة مملوكين له و ليس له مال غيرهم، فجاء ورثته من الأعراب فأخبروا رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- بما صنع، فقال: «أو فعل ذلك؟»، و قال: «لو أعلمتنا إن شاء اللّه ما صلينا عليه» و في لفظ «لقد هممت ألا أصلي عليه» [2].
و روى الإمام أحمد- برجال الصحيح- عن أبي قتادة- رضي اللّه تعالى عنه- قال: «كان رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- إذا دعي إلى جنازة سأل عنها، فإن أثنوا عليها خيرا قام فصلى عليها و إن أثني عليها غير ذلك، قال لأهلها: «شأنكم بها»، و لم يصل عليها» [3].
و روى الطبراني- برجال ثقات- عن أبي أمامة- رضي اللّه تعالى عنه- قال: توفي رجل على عهد رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- فقال: انظروا داخلة إزاره «فأصيبت دينار أو ديناران»، فقال لنا «صلوا على صاحبكم» [4].
الثالث: في تركه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- في أول الأمر الصلاة على من عليه دين، و لم يخلف وفاء.
روي عن أبي هريرة رضي اللّه تعالى عنه قال: «كان رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- يؤتي بالرجل الذي عليه دين فيسأل» [5].
و روى أحمد بن منيع، عن أبي أمامة- رضي اللّه تعالى عنه- أن رجلا توفي على عهد رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- و ترك دينارين دينا عليه و ليس له وفاء، فأبى رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- أن يصلي عليه و قال: «صلوا على صاحبكم»، فقام إليه أبو قتادة، فقال: أنا أقضي عنه، فقام رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- فصلى عليه» [6].
[1] ذكره الهيثمي في المجمع 3/ 44 و عزاه لأحمد و الطبراني في الكبير و إسناد أحمد حسن.