رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- على جنازة فأبصر امرأة معها مجمرة، فلم يزل يصيح بها حتى تغيبت في آجام المدينة يعني قصورها» [1].
الرابع- في زيادة خشوعه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- إذا رأى جنازة.
روى ابن سعد، عن عبد العزيز بن أبي داود- (رحمه اللّه تعالى)- قال: «كان رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- إذا شهد جنازة أكثر الصّمات، و أكثر حديث نفسه، فكانوا يرون أنّما يحدّث نفسه بأمر الميّت، و ما يرد عليه، و ما هو مسؤول عنه» [2].
الخامس: فيما كان يقوله- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- إذا مرّ عليه بجنازة.
روى الإمامان: مالك، و أحمد، و الشيخان، و النسائي، عن أبي قتادة- رضي اللّه تعالى عنه- أن رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- مر عليه بجنازة فقال: «مستريح و مستراح منه»، فقالوا: يا رسول اللّه: ما المستريح؟ و ما المستراح منه؟ فقال: «العبد المؤمن يستريح من تعب الدنيا، و أذاها إلى رحمة اللّه تعالى، و العبد الفاجر يستريح منه العباد و البلاد، و الشجر و الدواب»، [3]
و اللّه تعالى أعلم.
تنبيهات
الأول: قال أكثر الصحابة، و التابعين باستحباب القيام للجنازة، كما نقله ابن المنذر، و هو قول الأوزاعي، و أحمد، و إسحاق، و محمد بن الحسن.
و قال الشعبي، و النخعي: يكره القعود قبل أن توضع.
فقد روى البخاري، عن عامر بن ربيعة- رضي اللّه تعالى عنه- أن رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- قال: «إذا رأى أحدكم جنازة، فإن لم يكن ماشيا معها فليقم حين يراها حتى يخلّفها أو تخلّفه، أو توضع قبل أن تخلّفه».
و روى أيضا عن أبي سعيد- رضي اللّه تعالى عنه- قال: قال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- «إذا رأيتم الجنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع» [4].
الثاني:
قوله إن للموت فزعا:
قال القرطبي: أي: إنّ الموت يفزع منه، إشارة إلى استعظامه، و مقصود الحديث أن لا يستمرّ الإنسان على الغفلة بعد رؤية الموت لما يشعر ذلك من التساهل بأمر الموت، فمن ثمّ
[1] ذكره الهيثمي في المجمع 3/ 32 و عزاه للطبراني في الكبير و قال حنش أو حليس لم أجد من ذكره.