فصلاها، فصارت صلاته صورة جمع، و هذا أيضا ضعيف و باطل- و ساق أدلته على ذلك ثم قال: و منهم من قال: هو محمول على الجمع بعذر للمرض أو نحوه مما هو في معناه من الأعذار. و هذا قول أحمد بن حنبل و القاضي حسين من أصحابنا، و اختاره الخطابي و المتولي و الروياني من أصحابنا، و هو المختار في تأويله لظاهر الحديث، و لفعل ابن عباس، و موافقة أبي هريرة، و لأن المشقة فيه أشد من المطر.
و ذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر لمن لا يتخذه عادة، و هو قول ابن سيرين و أشهب من أصحاب مالك، و حكاه الخطابي عن القفال و الشاشي الكبير من أصحاب الشافعي- ثم قال: و يؤيده ظاهر قول ابن عباس: أراد ألا يحرج أمته. فلم يعلله بمرض و لا غيره].
الخامس: في صلاته- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- الفرض على الدابة لعذر.
روى الطبراني، و أبو داود، من حديث يعلى بن مرة- و إسناد الطبراني برجال ثقات- عن يعلى بن أمية- رضي اللّه تعالى عنه- قال: «كان رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- في سفر فأصابنا السماء فكانت البلّة من تحتنا و السماء من فوقنا و كان في مضيق فحضرت الصلاة، فأمر رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- بلالا فأذن و أقام و تقدم رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- فصلى على راحلته و القوم على رواحلهم، يومئ إيماء يجعل السجود أخفض من الركوع» [1].
و روى البزار عن عمرو بن يعلى- رضي اللّه تعالى عنه- قال: حضرت الصلاة صلاة المكتوبة و نحن مع رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- فتقدّمنا ثم أمنا فصلينا على ركائبنا» [2].
[1] الطبراني في الكبير و أخرجه الترمذي 2/ 266 (411) و انظر المجمع 2/ 161.
[2] أخرجه البزار كما في الكشف 1/ 330 (684) و قال الهيثمي فيه عبد الأعلى بن عامر ضعيف المجمع 2/ 161.