قال ابن إسحاق و ابن سعد: فاشترى زيدا صفوان بن أمية، و أسلم بعد ذلك ليقتله بأبيه أمية بن خلف و حبسه عند ناس من بني جمح و يقال عند نسطاس غلامه. فلما انسلخت الأشهر الحرم بعثه صفوان مع غلامه نسطاس إلى التنعيم و أخرجه من الحرم ليقتله، و اجتمع رهط من قريش، منهم أبو سفيان بن حرب. فقال أبو سفيان حين قدّم ليقتل: «أنشدك اللَّه يا زيد أ تحب أن محمدا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه و أنك في أهلك؟» قال: «و اللَّه ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه و أني جالس في أهلي». فقال أبو سفيان: «ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا». ثم قتله نسطاس، و أسلم بعد ذلك. و ذكر ابن عقبة أن زيدا و خبيبا قتلا في يوم واحد و أن رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) سمع يوم قتلا و هو يقول: «و عليكما السلام».
ذكر قصة قتل خبيب بن عدي رضي اللَّه تعالى عنه و ما وقع في ذلك من الآيات
قال أبو هريرة كما في الصحيح [1]: «فاشترى خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل».
و قال ابن عقبة: «و اشترك في ابتياع خبيب، زعموا أبا إهاب بن عزيز، و عكرمة بن أبي جهل، و الأخنس بن شريق [2]، و عبيدة بن حكيم بن الأوقص، و أمية بن أبي عتبة، و صفوان بن أمية و بنو الحضرمي، و هم أبناء من قتل من المشركين يوم بدر» و قال ابن إسحاق: «فابتاع خبيبا حجير بن أبي إهاب التميمي حليف بني نوفل، و كان أخا الحارث بن عامر لأمه». و قال ابن هشام: كان ابن أخته لا ابن أخيه عقبة بن الحارث بن عامر ليقتله بأبيه الحارث. قال أبو هريرة كما في الصحيح: «و كان خبيب بن عدي قتل الحارث يوم بدر». انتهى. فجلس خبيب في بيت امرأة يقال لها ماويّة مولاة حجير بن أبي إهاب، و أسلمت بعد ذلك فأساؤوا إساءة. فقال لهم: «ما يصنع القوم الكرام هنا بأسيرهم» فأحسنوا إليه بعد.
و روى ابن سعد عن موهب مولى الحارث أنهم جعلوا خبيبا عنده، فكأنه كان زوج ماويّة. قالت ماوية كما عند محمد بن عمر، و موهب كما عند ابن سعد أنهما قالا لخبيب:
«أ لك حاجة؟» فقال: «نعم لا تسقوني إلا العذاب و لا تطعموني ما ذبح على النّصب و تخبروني إذا أرادوا قتلى».
[2] الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب بن علاج بن أبي سلمة بن عبد العزيز بن غيرة بن عوف بن ثقيف الثقفي أبو ثعلبة حليف بني زهرة ... اسمه أبي و إنما لقب الأخنس لأنه رجع ببني زهرة من بدر لما جاءهم الخبر أن أبا سفيان نجا بالعير فقيل: خنس الأخنس ببني زهرة فسمي بذلك ثم أسلم الأخنس فكان من المؤلفة و شهد حنينا و مات في أول خلافة عمر ذكره أبو موسى عن ابن شاهين. الإصابة 1/ 23.