الباب الثالث و السبعون في وفود غامد إليه (صلّى اللّه عليه و سلم)
قال في زاد المعاد: قال الواقدي (رحمه اللّه تعالى): و قدم على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) وفد غامد سنة عشر، و هم عشرة فنزلوا ببقيع الغرقد و هو يومئذ أثل و طرفاء ثم انطلقوا إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم). و خلّفوا عند رحلهم أحدثهم سنّا، فنام عنه، و أتى سارق فسرق عيبة لأحدهم فيها أثواب له. و انتهى القوم إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)، فسلّموا عليه و أقرّوا له بالإسلام و كتب لهم كتابا فيه شرائع من شرائع الإسلام و قال لهم: «من خلّفتم في رحالكم؟» قالوا: أحدثنا سنّا يا رسول اللّه. قال: «فإنّه قد نام عن متاعكم حتى أتى آت أخذ عيبة أحدكم» فقال رجل من القوم:
يا رسول اللّه ما لأحد من القوم عيبة غيري. فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم): «فقد أخذت و ردّت إلى موضعها». فخرج القوم سراعا حتى أتوا رواحلهم، فوجدوا صاحبهم فسألوه عما أخبرهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم). قال: فزعت من نومي ففقدت العيبة فقمت في طلبها، فإذا رجل قد كان قاعدا، فلما رآني صار يعدو منّي فانتهيت إلى حيث انتهى فإذا أثر حفر و إذا هو قد غيّب العيبة فاستخرجتها.
فقالوا: نشهد أنه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) فإنه قد أخبرنا بأخذها و أنها قد ردّت. فرجعوا إلى النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) فأخبروه، و جاء الغلام الذي خلّفوه، فأسلم، و أمر النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) أبي بن كعب رضي اللّه تعالى عنه فعلّمهم قرآنا و أجازهم (صلّى اللّه عليه و سلم) كما كان يجيز الوفود و انصرفوا.
تنبيه: في بيان غريب ما سبق:
غامد: بعين معجمة فألف فميم فدال مهملة.
العيبة: تقدم تفسيرها.
الباب الرابع و السبعون في وفود غافق إليه (صلّى اللّه عليه و سلم)
روى ابن سعد [1]: قالوا: وفد جليحة بن شجّار بن صحار الغافقي على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) في رجال من قومه فقالوا: يا رسول اللّه نحن الكواهل من قومنا، و قد أسلمنا و صدقاتنا محبوسة بأفنيتنا. فقال: «لكم ما للمسلمين و عليكم ما عليهم».
فقال: عوذ بن سرير الغافقي: آمنّا باللّه و اتّبعنا رسوله.