بالسيف فقطعت مؤخرة الرجل و أندرت عامة فخذه و ساقه، و سقط عن بعيره و في يده مخرش من شوحط فضربني فشجني مأمومة، و ملنا على أصحابه فقتلناهم كلهم غير رجل واحد أعجزنا شدّا. و لم يصب من المسلمين أحد. ثم أقبلنا إلى رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم)».
و بينا رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) يحدّث أصحابه إذ قالوا: «تمشّوا بنا إلى الثّنيّة لنبحث عن أصحابنا»، فخرجوا معه. فلما أشرفوا على الثّنيّة إذ هم بسرعان أصحابنا فجلس رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) في أصحابه فانتهينا إليه فحدثناه الحديث
فقال: «قد نجّاكم اللَّه من القوم الظالمين».
قال عبد اللَّه بن أنيس: «فدنوت من النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) فنفث في شجّتي فلم تقح بعد ذلك اليوم و لم تؤذني، و كان العظيم قد نغل. و مسح وجهي و دعا لي، و قطع لي قطعة من عصاه
فقال: «أمسك هذه معك علامة بيني و بينك يوم القيامة أعرفك بها فإنك تأتي يوم القيامة متحصرا».
فلما دفن عبد اللَّه بن أنيس جعلت معه على جلده دون ثيابه [1].
تنبيهان
الأول: ذكر البيهقي و تبعه في زاد المعاد: هذه السرية بعد خيبر. قال: في النور: «و هو الذي يظهر فإنهم قالوا إن رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) بعثنا إليك ليستعملك على خيبر، و هذا الكلام لا يناسب أن يقال إنها قبل الفتح و اللَّه أعلم». قلت: كونها قبل خيبر أظهر، قال في القصة إنه سار في غطفان و غيرهم لحرب رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) بموافقة يهود ذلك، و ذلك قبل فتح خيبر قطعا إذ لم يصدر من يهود بعد فتح خيبر شيء من ذلك. و قول الصحابة لأسير بن رزام إن رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) بعثنا إليك ليستعملك على خيبر لا ينافي ذلك لأن مرادهم باستعماله المصالحة و ترك القتال و الاتفاق على أمر يحصل له بذلك و اللَّه أعلم.
الثاني: في بيان غريب ما سبق:
أمرت: بفتح أوله و الميم المشددة و الراء و سكون حرف التأنيث.
أسير: بضم الهمزة و فتح السين و سكون التحتية و بالراء.
يسير: بضم التحتية و فتح السين المهملة و سكون التحتية و الراء.