البيت، و لا قاتلناك، اكتب في قضيّتنا ما نعرف، اكتب محمّد بن عبد اللّه. فقال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- لعليّ امحه، فقال علي: ما أنا بالّذي «أمحاه» و في لفظ «أمحاك» و في حديث محمّد ابن كعب القرظيّ: فجعل عليّ يتلكّأ، و أبى أن يكتب إلّا محمد رسول اللّه، فقال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)-: اكتب فإنّ لك مثلها تعطيها و أنت مضطهد
و ذكر محمّد بن عمر أن أسيد بن الحضير و سعد بن عبادة أخذا بيد علي و منعاه أن يكتب إلّا «محمد رسول اللّه»، و إلّا فالسّيف بيننا و بينهم، فارتفعت الأصوات، فجعل رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- يخفضهم و يومئ بيده إليهم: اسكتوا. فقال: أرنيه، فأراه إيّاه فمحاه رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- بيده و قال: اكتب محمد بن عبد اللّه. قال الزهري: و ذلك لقوله- (صلّى اللّه عليه و سلم)- لا يسألوني خطّة يعظّمون بها حرمات اللّه إلّا أعطيتهم إيّاها، فقال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- لسهيل على أن تخلّوا بيننا و بين البيت، فنطوف، فقال سهيل: لا و اللّه لا تحدّث العرب أنّا أخذنا ضغطة، و لكن لك من العام المقبل، فكتب. فقال سهيل: على أنّه لا يأتيك منّا أحد بغير إذن وليّه- و إن كان على دينك إلّا سددته إلينا فقال المسلمون: سبحان اللّه، أ يكتب هذا؟ كيف يرد إلى المشركين و قد جاء مسلما، فقال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)-: نعم إنه من ذهب منا إليهم فأبعده اللّه، و من جاء منهم إلينا سيجعل اللّه له فرجا و مخرجا» [2].
و في حديث عبد اللّه بن مغفّل عند الإمام أحمد، و النسائي، و الحاكم بعد أن ذكر نحو ما تقدّم، قال فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شابا عليهم السّلاح فثاروا إلى وجوهنا، فدعا عليهم رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- فأخذ اللّه بأسماعهم- و لفظ الحاكم بأبصارهم- فقمنا إليهم فأخذناهم،
فقال لهم رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- «هل جئتم في عهد أحد و هل جعل لكم أحد أمانا»؟
و روى ابن أبي شيبة، و الإمام أحمد، و عبد بن حميد، و مسلم، و الثلاثة عن أنس قال:
لمّا كان يوم «الحديبية» هبط على رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- و أصحابه ثمانون رجلا من أهل مكّة في
[1] أخرجه البخاري 5/ 357 (2699)، و أحمد 4/ 328، 4/ 86، 5، 23، 33 و البيهقي 9/ 220، 227 و عبد الرزاق في المصنف (9720)، و الطبري في التفسير 26/ 59، 63 و ابن كثير في التفسير 7/ 324 و انظر المجمع 6/ 145، 146.
[2] انظر التخريج السابق و أخرجه أبو داود في الجهاد باب (167) و احمد 4/ 329، 330 و السيوطي في الدّر المنثور 6/ 76.
[3] أخرجه أحمد 4/ 87 و البيهقي 6/ 319 و الحاكم في المستدرك 2/ 461 و ابن الجوزي في زاد المسير 7/ 438 و انظر الدر المنثور 6/ 78.