رسوله- (صلّى اللّه عليه و سلم)- رسوله- (صلّى اللّه عليه و سلم)- من الصلاة فيه،
فأتى جماعة منهم لرسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- و هو يتوجه إلى تبوك، فقالوا: يا رسول اللّه إنا بنينا مسجدا لذي العلّة و الحاجة و الليلة المطيرة، و إنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه قال: «إني على جناح سفر و حال شغل، و إذا قدمنا إن شاء اللّه صلّينا لكم فيه» [1] فلما رجع رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- من غزوة تبوك و نزل بذي أوان- مكان بينه و بين المدينة ساعة- أنزل اللّه سبحانه و تعالى: وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَ كُفْراً
[التوبة 107] الآية.
روى البيهقي في الدلائل عن ابن عمر- رضي اللّه تعالى عنهما- في قوله تعالى:
وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً هم أناس من الأنصار، ابتنوا مسجدا، فقال لهم أبو عامر:
ابنوا مسجدكم و استمدوا ما استطعتم من قوة و من سلاح فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم، فآتي بجند من الروم فأخرج محمدا و أصحابه، فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النبي- (صلّى اللّه عليه و سلم)- فقالوا: فرغنا من بناء مسجدنا [و نحن نحب] أن تصلي فيه و تدعو لنا بالبركة، فأنزل اللّه عز و جل: لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ- يعني مسجد قباء- أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ إلى قوله: شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [التوبة 109] قال الحافظ بن حجر: و الجمهور على أن المسجد المراد به الذي أسس على التقوى مسجد قباء، و قيل هو مسجد المدينة. قال: و الحق أن كلا منها أسس على التقوى.
و قوله تعالى- في بقية الآية فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا يؤكد أن المسجد مسجد قباء.
قال الداودي و غيره: ليس هذا اختلاف، فإن كلا منهما أسس على التقوى، و كذا قال السهيلي و زاد أن قوله: مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ يقتضي مسجد قباء، لأن تأسيسه كان من أول يوم وصل النبي- (صلّى اللّه عليه و سلم)- بدار الهجرة.
و روى ابن أبي شيبة، و ابن هشام عن عروة عن أبيه قال: كان موضع مسجد قباء لامرأة يقال لها ليّه كانت تربط حمارا لها فيه، فابتنى سعد بن خيثمة مسجدا، فقال أهل مسجد الضرار: نحن نصلي في مربط حمار ليّه؟ لا لعمر اللّه، لكنا نبني مسجدا فنصلي فيه، و كان أبو عامر بريء من اللّه و رسوله، و لحق بعد ذلك بالشام فتنصر فمات بها، فأنزل اللّه تعالى:
وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَ كُفْراً [التوبة 107]. قال ابن النجار: هذا المسجد بناه المنافقون مضاهيا لمسجد قباء، و كانوا مجتمعين فيه يعيبون النبي- (صلّى اللّه عليه و سلم)- و يستهزئون به،