فنحن في ذلك الضّياء و في* * * النسّور و سبل الرّشاد نخترق
و لما قدم رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- المدينة بدأ بالمسجد بركعتين، ثم جلس للناس كما في حديث كعب بن مالك.
قال ابن مسعود: و لما قدم رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- المدينة قال: «الحمد للّه الذي رزقنا في سفرنا هذا أجرا و حسنة»
[1] و كان قدومه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- المدينة في رمضان و كان المنافقون الذين تخلفوا عن رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- يخبّرون عنه أخبار السوء، و يقولون: إن محمدا و أصحابه قد جهدوا في سفرهم و هلكوا. فبلغهم تكذيب حديثهم و عافية رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- و أصحابه، فساءهم ذلك، فأنزل اللّه تعالى: إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ [التوبة 50].
ذكر بيع المسلمين أسلحتهم و قولهم: قد انقطع الجهاد
قال ابن سعد: و جعل المسلمون يبيعون أسلحتهم و يقولون: قد انقطع الجهاد فبلغ ذلك رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- فنهاهم و قال: «لا تزال عصابة من أمتي يجاهدون على الحق حتى يخرج الدّجّال»
ذكر أمر مسجد الضرار عند رجوع رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- من غزوة تبوك
روى ابن إسحاق عن أبي رهم كلثوم بن الحصين الغفاري، و ابن جرير، و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، و ابن مردويه من طريق آخر. و البيهقي في الدلائل عن ابن عباس- رضي اللّه عنه- و ابن أبي حاتم و ابن مروديه عن طريق آخر عن ابن عباس، و ابن المنذر عن سعيد بن جبير و محمد بن عمر عن يزيد بن رومان- (رحمه اللّه تعالى)- أن بني عمرو بن عوف بنوا مسجدا فبعثوا إلى رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- يأتيهم فيصلي فيه، فلما رأى ذلك ناس من بني غنم بن عوف فقالوا: نبني نحن أيضا مسجدا كما بنوا، فقال لهم أبو عامر الفاسق قبل خروجه إلى الشام: ابنوا مسجدكم و استمدوا فيه بما استطعتم من قوة و سلاح فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم فآتي بجيش من الروم فأخرج محمّدا و أصحابه، فكانوا يرصدون قدوم أبي عامر الفاسق، و كان خرج من المدينة محاربا للّه تعالى و لرسوله- (صلّى اللّه عليه و سلم)- فلما فرغوا من مسجدهم أرادوا أن يصلّي فيه رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- ليروج لهم ما أرادوه من الفساد و الكفر و العناد، فعصم اللّه تبارك و تعالى
[1] أخرجه البيهقي في الدلائل 5/ 267، 268، و ابن كثير في البداية 5/ 27، 28.