قال محمد بن عمر- (رحمه اللّه تعالى)- حضّ رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- على الصّدقات فجاءوا بصدقات كثيرة، فكان أول من جاء أبو بكر الصديق- رضي اللّه عنه- جاء بماله كله أربعة آلاف درهم فقال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)-: «هل أبقيت لأهلك شيئا؟» [1] فقال: أبقيت لهم اللّه و رسوله. و جاء عمر بن الخطاب- رضي اللّه عنه- بنصف ماله، فقال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)-: «هل أبقيت لأهلك شيئا؟» قال: نعم مثل ما جئت به،
و حمل العباس، و طلحة بن عبيد اللّه، و سعد بن عبادة- رضي اللّه عنهم- و حمل عبد الرحمن بن عوف- رضي اللّه عنه- مائتي أوقية إلى رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- و تصدّق عاصم بن عدي- رضي اللّه عنه- بسبعين وسقا من تمر، و جهّز عثمان بن عفان- رضي اللّه عنه- ثلث ذلك الجيش حتى أنه كان يقال: ما بقيت لهم حاجة حتى كفاهم شنق أسقيتهم.
قلت: كان ذلك الجيش زيادة على ثلاثين ألفا، فيكون- رضي اللّه عنه- جهز عشرة آلاف.
و ذكر أبو عمرو في الدرر، و تبعه في الإشارة: أن عثمان حمل على تسعمائة بعير و مائة فرس بجهازها، و قال ابن إسحاق- (رحمه اللّه تعالى)- أنفق عثمان في ذلك الجيش نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها.
و نقل ابن هشام عمّن يثق به: أن عثمان- رضي اللّه عنه- أنفق في جيش العسرة ألف دينار قلت غير الإبل و الزاد و ما يتعلق بذلك. قال: فقال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)-: «اللهم ارض عن عثمان فإني عنه راض». و روى الإمام أحمد، و الترمذي و حسّنه، و البيهقي عن عبد الرحمن بن سمرة- رضي اللّه عنه- قال: جاء عثمان إلى رسول- (صلّى اللّه عليه و سلم)- بألف دينار في كمّه حين جهّز رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- جيش العسرة، فصبّها في حجر النبي- (صلّى اللّه عليه و سلم)- فجعل النبيّ- (صلّى اللّه عليه و سلم)- يقلّبها بيده و يقول: «ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم»
و روى عبد اللّه بن الإمام أحمد في زوائد المسند، و الترمذي، و البيهقي عن عبد الرحمن بن خباب- بالمعجمة و موحدتين- رضي اللّه عنه- قال: خطب رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- فحثّ على جيش العسرة، فقال عثمان- رضي اللّه عنه- عليّ مائة بعير بأحلاسها و أقتابها، ثمّ نزل مرقاة أخرى من المنبر فحثّ فقال عثمان- رضي اللّه عنه-: عليّ مائة أخرى بأحلاسها و أقتابها ثم نزل مرقاة أخرى فحث فقال عثمان- رضي اللّه عنه-: عليّ مائة أخرى