و طعنة ذات رشاش واهيه* * * طعنتها تحت صدور العادية
قال محمد بن عمر: حدثني الهيثم بن واقد عن عطاء بن مروان عن أبيه قال: حدثني أربعة عشر رجلا ممّن أسلم من أصحاب رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- أنه ناجية بن الأعجم، يقول: دعاني رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- حين شكي إليه قلّة الماء فأخرج سهما من كنانته، و دفعه إليّ، و دعا بدلو من ماء البئر فجئته به، فتوضأ فمضمض فاه، ثم مجّ في الدّلو- و النّاس في حرّ شديد- و إنما هي بئر واحدة قد سبق المشركون إلى بلدح فغلبوا على مياهه فقال: «انزل بالدّلو فصبّها في البئر و أثر ماءها بالسّهم» ففعلت،
فو الذي بعثه بالحق ما كدت أخرج حتى يغمرني و فارت كما تفور القدر، حتى طمّت و استوت بشفيرها، يغترفون من جانبها حتى نهلوا من آخرهم. و على الماء يومئذ نفر من المنافقين، منهم عبد اللّه بن أبيّ، فقال أوس بن خولي: ويحك يا أبا الحباب!! أما آن لك أن تبصر ما أنت عليه؟ أبعد هذا شيء؟ فقال: إني قد رأيت مثل هذا. فقال أوس:
قبّحك اللّه و قبح رأيك فأقبل ابن أبي يريد رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)
فقال «يا أبا الحباب: أنّى رأيت مثلما رأيت اليوم»؟ فقال: ما رأيت مثله قط. قال: «فلم قلته»؟ فقال ابن أبيّ: يا رسول اللّه استغفر لي،
فقال ابنه عبد اللّه بن عبد اللّه- رضي اللّه عنه- يا رسول اللّه استغفر له، فاستغفر له [1].
و روى ابن إسحاق، و محمد بن عمر، عن البراء بن عازب- رضي اللّه عنهما- قال: أنا نزلت بالسّهم. و اللّه أعلم.
قصة أخرى: روى الإمام أحمد، و البخاريّ، و الطبراني، و الحاكم في الإكليل، و أبو نعيم عن البراء بن عازب، و مسلم عن سلمة بن الأكوع، و أبو نعيم عن ابن عباس، و البيهقيّ عن عروة، قال البراء: كنا مع رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- بالحديبية أربع عشرة مائة، و الحديبية: بئر فقدمناها و عليها خمسون شاة ما ترويها فتبرضها فلم نترك فيها قطرة، قال ابن عبّاس: و كان الحرّ شديدا، فشكا النّاس العطش، فبلغ ذلك النّبيّ- (عليه الصلاة و السلام)- فأتاه فجلس على شفيرها، ثم دعا «بإناء» و في لفظ «بدلو» فتوضأ في الدّلو، ثم مضمض و دعا، ثم صبّه فيها، فتركناها غير بعيد ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن و ركابنا. قال البراء: و لقد رأيت آخرنا أخرج بثوب خشية الغرق حتى جرت نهرا [2].
و قال ابن عباس و عروة ففارت بالماء حتى جعلوا يغترفون بأيديهم منها و هم جلوس على شفيرها.