و قال نبيّ المؤمنين تقدّموا* * * و حبّ إلينا أن تكون المقدّما
و بتنا بنهي المستدير و لم تكن* * * بنا الخوف إلّا رغبة و تحزّما
أطعناك حتّى أسلم النّاس كلّهم* * * و حتّى صبحنا الجمع أهل يلملما
يضلّ الحصان الأبلق الورد وسطه* * * و لا يطمئنّ الشّيخ حتّى يسوّما
لدن غدوة حتّى تركنا عشيّة* * * حنينا و قد سالت دوامعه دما
سمونا لهم ورد القطا زفّة ضحى* * * و كلّ تراه عن أخيه قد أحجما
إذا شئت من كلّ رأيت طمرّة* * * و فارسها يهوي و رمحا محطّما
و قد أحرزت منّا هوازن سربها* * * و حبّ إليها أن نخيب و نحرما
تنبيهات
الأول: قال أهل المغازي: خرج رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- إلى حنين لستّ خلت من شوال، و قيل: لليلتين بقيتا من رمضان، و جمع بعضهم بأنه بدأ بالخروج من أواخر رمضان، و سار سادس شوّال، و كان وصوله إليها في عاشره.
قال في زاد المعاد: كان اللّه- تعالى- قد دعا رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- و هو الصّادق الوعد أنه إذا فتح مكّة دخل النّاس في دينه أفواجا، و دانت له العرب بأسرها، فلمّا تمّ له الفتح المبين، اقتضت حكمة اللّه- تعالى- أن أمسك قلوب هوازن و من تبعها عن الإسلام و أن يتجمّعوا و يتأهبوا لحرب رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- و المسلمين، ليظهر أمر اللّه- سبحانه و تعالى- و تمام إعزازه، لرسوله- (صلّى اللّه عليه و سلم)- و نصره لدينه، و لتكون غنائمهم شكرا لأهل الفتح، ليظهر اللّه و رسوله و عباده و قهره لهذه الشوكة العظيمة التي لم يلق المسلمون مثلها، فلا يقاومهم بعد أحد من العرب. و يتبين ذلك من الحكم الباهرة التي تلوح للمتأملين و اقتضت حكمته