لما انهزم القوم أمر رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم) بالغنائم أن تجمع، و نادى مناديه: من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يغّل، و جعل الناس غنائمهم في موضع حيث استعمل عليها رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم).
و روى الحاكم بسند صحيح عن عبادة بن الصّامت- رضي اللّه عنه- قال: أخذ رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- يوم حنين و برة من بعير، ثم قال: «يا أيّها النّاس، إنّه لا يحلّ لي ممّا أفاء اللّه- تعالى- عليكم قدر هذه إلّا الخمس، و الخمس مردود عليكم، فأدّوا الخيط و المخيط، و إيّاكم و الغلول فإنّه عار على أهله يوم القيامة»
و كان عقيل بن أبي طالب دخل على زوجته و سيفه ملطّخ بدم، فقالت: إنّي علمت أنّك قاتلت اليوم المشركين، فما ذا أصبت من غنائمهم؟ فقال: هذه الإبرة، تخيطين بها ثيابك، فدفعها إليها، ثم خرج فسمع منادي رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- يقول: من أصاب شيئا من المغنم فليردّه، فرجع عقيل إلى امرأته و قال: و اللّه ما أرى إبرتك إلا قد ذهبت منك، فأخذها فألقاها في المغانم.
و جاء رجل بكبّة من شعر فقال: يا رسول اللّه أضرب بهذه برذعة لي: فقال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)-: «أمّا ما كان لي و لبني عبد المطّلب فهو لك»
و أتى رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- الناس يوم حنين في قبائلهم يدعوهم و أنه ترك قبيلة من القبائل وجدوا في برذعة رجل منهم عقدا من جزع غلولا، فأتاهم رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- فكبّر عليهم، كما يكبّر على الميت.
و أصاب المسلمون يومئذ السّبايا، فكانوا يكرهون أن يقعوا عليهنّ و لهنّ أزواج فسألوا رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- عن ذلك، فأنزل اللّه تعالى وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ[النساء 24] و قال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- يومئذ: «لا توطأ حامل من السّبي حتى تضع، و لا غير ذات حمل حتى تحيض»
و لمّا جمعت الغنائم أمر رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- أن تنحدر إلى الجعرانة، فوقف بها إلى أن انصرف رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- من حصار الطائف.
[1] أخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 49 و البيهقي 6/ 303 و النسائي 7/ 131 و ابن حبان ذكره الهيثمي في الموارد (1693).