كنا معهم، و إن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا فرآني رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- فقال: «يا أبا هريرة» قلت:
لبيك، قال: «اهتف بالأنصار، و لا يأتيني إلّا أنصاري» قال: ففعلت ما أمرني به، فأتوه، فقال:
«انظروا قريشا و أوباشهم فاحصدوهم حصدا» ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى، فانطلقنا فما أحد يوجّه إلينا شيئا، و ما منا أحد يريد أحدا منهم إلّا أخذه، فجاء أبو سفيان ابن حرب فقال: يا رسول اللّه- أبيدت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم. فقال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، و من ألقى السّلاح فهو آمن» فألقى الناس سلاحهم
و روى محمد بن عمر عن جابر- رضي اللّه عنه- قال: كنت ممن لزم رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- فدخلت معه يوم الفتح فلمّا أشرف رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- من أذاخر، و رأى بيوت مكّة، وقف عليها فحمد اللّه- و أثنى عليه، و نظر إلى موضع قبّته فقال: هذا منزلنا يا جابر حيث تقاسمت قريش علينا في كفرها» قال جابر: فذكرت حديثا كنت سمعته منه قبل ذلك بالمدينة، «منزلنا إذا فتح اللّه علينا مكة في خيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر»
ذكر قراءته- (صلّى اللّه عليه و سلم)- سورتي الفتح و النصر في يومه
عن عبد اللّه بن مغفّل- بضم الميم، و فتح الغين المعجمة، و الفاء المشددة، و باللّام- رضي اللّه تعالى عنه- قال: رأيت رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- يوم فتح مكّة على ناقته، و هو يقرأ سورة الفتح، يرجّع صوته بالقراءة، قال معاوية بن قرّة: لو لا أن يجتمع الناس حولي لرجّعت كما رجّع عبد اللّه بن مغفّل يحكي قراءة النّبي- (صلّى اللّه عليه و سلم)- قال شعبة: فقلت لمعاوية: كيف كان ترجيعه؟
قال: ثلاث مرّات، رواه البخاريّ في التفسير و فضائل القرآن و المغازي و التوحيد، و مسلم في الصّلاة، و النسائي، و الحاكم.
و روى الطبراني عن أبي سعيد الخدري- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- يوم الفتح «هذا ما وعدني ربّي» ثم قرأ: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ
[النصر 1]
ذكر منزل رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- يوم الفتح
روى محمد بن عمر عن أبي جعفر- (رحمه اللّه تعالى)- قال: كان أبو رافع قد رب لرسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- قبّة بالحجون من أدم، فأقبل رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- حتّى انتهى إلى القبّة، و معه أمّ سلمة، و ميمونة زوجتاه.
و روى البخاريّ و غيره عن أسامة بن زيد- رضي اللّه عنهما- أنه قال: يا رسول اللّه: انّى
[1] سيأتي في هديه- (صلّى اللّه عليه و سلم)- في قراءة القرآن.