responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 3  صفحه : 124

بثديّهن يجوز أن يكون رأى أرواحهنّ و قد خلق من الآلام ما يجده من هذه حاله، و يحتمل أيضا أن يكون مثلت له حالهنّ في الآخرة.

التنبيه الثاني و الأربعون:

ذكره لإدريس في السماء الرابعة مع قوله تعالى: وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا [مريم: 57]، مع أنه قد رأى موسى و إبراهيم (صلوات اللّه و سلامه عليهما) في مكان أعلى من مكان إدريس، فذلك- و اللّه تعالى أعلم- لما ذكر عن كعب الأحبار أن إدريس خصّ من بين جميع الأنبياء بأنه رفع قبل وفاته إلى السماء الرابعة، رفعه ملك كان صديقا له و هو الملك الموكّل بالشمس. و كان إدريس سأله أن يريه الجنة فأذن له اللّه في ذلك، فلما كان في السماء الرابعة رآه هنالك ملك الموت فعجب و قال: أمرت أن أقبض روح إدريس الساعة في السماء الرابعة فقبضه هنالك، فرفعه حيّا إلى ذلك المكان العليّ الذي خصّ به دون سائر الأنبياء، قاله السهيلي.

و تقدم الكلام في النسب النبوي على قوله: «مرحبا بالأخ الصالح».

التنبيه الثالث و الأربعون:

قال العلماء: «لم يكن بكاء موسى حسدا، معاذ اللّه، فإن الحسد في ذلك العالم منزوع عن آحاد المؤمنين، فكيف بمن اصطفاهم اللّه تعالى، بل كان أسفا على ما فاته من الأجر الذي يترتّب عليه رفع الدرجة بسبب ما وقع من أمته من كثرة المخالفة المقتضية لتنقيص أجورهم و المستلزمة لتنقيص أجره، لأن لكل نبيّ أجر من تبعه، و لهذا كان من اتّبعه في العدد دون من اتّبع نبيّا (صلّى اللّه عليه و سلم) مع طول مدتهم بالنسبة لمدة هذه الأمة.

و قال ابن أبي جمرة: «قد جعل اللّه تعالى في قلوب أنبيائه عليهم الصلاة و السلام الرحمة و الرأفة لأمتهم، و قد بكى النبي (صلّى اللّه عليه و سلم)، فسئل عن بكائه فقال: «هذه رحمة و إنما يرحم اللّه من عباده الرحماء» [1]. و الأنبياء عليهم الصلاة و السلام قد أخذوا من رحمة اللّه تعالى أوفر نصيب، فكانت الرحمة في قلوبهم لعباد اللّه أكثر من غيرهم. فلأجل ما كان لموسى (عليه الصلاة و السلام) من الرحمة و اللطف بكى إذ ذاك رحمة منه لأمته لأن هذا وقت إفضال وجود و كرم.

فرجا لعله يكون وقت القبول و الإفضال فيرحم اللّه تعالى أمته ببركة هذه الساعة. فإن قيل:

كيف يكون هذا و أمته لا تخلو من قسمين: قسم مات على الإيمان، و قسم مات على الكفر فالذي مات على الإيمان لا بدّ له من دخول الجنة و الذي مات على الكفر لا يدخل الجنة أبدا، فبكاؤه لأجل ما ذكرتم لا يسوغ إذ أن الحكم فيه قد مرّ و نفذ. قيل في الجواب: و كذلك قدّر اللّه عزّ و جل قدره على قسمين، كما شاءت حكمته، فقدّر قدرا و قدّر أن ينفذ على كل الأحوال و قدّر قدرا و قدّر ألا ينفذ، و يكون وقوعه بسب دعاء أو صدقة أو غير ذلك».


[1] أخرجه البخاري 2/ 100 و مسلم في كتاب الجنائز (11).

نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 3  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست