responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 9

الباب الثالث في حكم عقد قلبه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- في أمور البشر الجارية على يديه و معرفة المحق من المبطل و علم المصلح من المفسد

و أمّا ما يعتقد في أمور أحكام البشر الجارية على يديه و قضاياهم، و معرفة المحقّ من المبطل، و علم المصلح من المفسد، فبهذه السّبيل،

لقوله (صلّى اللّه عليه و سلّم): «إنما أنا بشر، و إنكم تختصمون إليّ، و لعلّ بعضكم أن يكون ألحن بحجّته من بعض، فأقضي له على نحو ممّا أسمع، فمن قضيت له من حقّ أخيه بشي‌ء فلا يأخذ منه شيئا، فإنما أقطع له قطعة من النار».

حدثنا الفقيه أبو الوليد (رحمه اللّه)، حدثنا الحسين بن محمد الحافظ، حدثنا أبو عمر، حدثنا أبو محمد، حدثنا أبو بكر، حدثنا أبو داود، حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أمّ سلمة، قالت: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) ... الحديث.

و في رواية الزّهري، عن عروة: «فلعلّ بعضكم أن يكون أبلغ من بعض، فأحسب أنه صادق فأقضي له».

و تجرى أحكامه (صلّى اللّه عليه و سلّم) على الظاهر و موجب غلبات الظنّ بشهادة الشاهد، و يمين الحالف، و مراعاة الأشبه، و معرفة العفاص و الوكاء، مع مقتضى حكمة اللّه في ذلك، فإنه تعالى لو شاء لأطلعه على سرائر عباده، و مخبّآت ضمائر أمته، فتولّى الحكم بينهم بمجرّد يقينه و علمه دون حاجة إلى اعتراف أو بيّنة أو يمين أو شبهة، و لكن لمّا أمر اللّه أمّته باتّباعه و الاقتداء به في أفعاله و أحواله و قضاياه و سيره، و كان هذا لو كان ممّا يختصّ بعلمه و يؤثّره اللّه به، لم يكن للأمّة سبيل إلى الاقتداء به في شي‌ء من ذلك، و لا قامت حجّة بقضيّة من قضاياه لأحد في شريعته، لأنا لا نعلم ما أطلع عليه هو في تلك القضيّة لحكمه هو إذا في ذلك بالمكنون من إعلام اللّه له بما أطلعه عليه من سرائرهم، و هذا ما لا تعلمه الأمة، فأجرى اللّه تعالى أحكامه على ظواهرهم التي يستوي في ذلك هو و غيره من البشر، ليتمّ اقتداء أمته به في تعيين قضاياه، و تنزيل أحكامه، و يأتون ما أتوا من ذلك على علم و يقين من سنّته، إذ البيان بالفعل أوقع منه بالقول، و أدفع لاحتمال اللّفظ و تأويل المتأوّل، و كان حكمه على الظاهر أجلى في البيان، و أوضح في وجوه الأحكام، و أكثر فائدة لموجبات التّشاجر و الخصام، و ليقتدي بذلك كلّه حكّام أمّته، و يستوثق بما يؤثر عنه، و ينضبط قانون شريعته، و طيّ ذلك عنه من علم الغيب الذي استأثر به عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول، فيعلّمه منه بما شاء، و يستأثر بما شاء، و لا يقدح هذا في نبوّته، و لا يفصم عروة من عصمته.

نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 12  صفحه : 9
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست