و في حديث المقداد عند مسلم [1] «تدنو الشّمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم مقدار ميل».
قال سليم بن عامر: فو اللّه ما أدري ما يعني بالميل، أ مسافة الأرض؟ أو الميل الذي تكتحل به العين؟ فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، و منهم من يكون إلى ركبتيه، و منهم من يكون إلى حقويه، و منهم من يلجمه العرق إلجاما، و أشار رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)-: «بيده إلى فيه، فيبلغ النّاس من الغمّ و الكرب ما لا يطيقون، فيقول بعضهم لبعض أ لا ترون إلى ما قد بلغكم، أ تنظرون من يشفع لنا، فيقول بعض النّاس لبعض:
انطلقوا إلى أبيكم آدم، فيأتون آدم فيقولون: يا آدم أنت أبو البشر خلقك اللّه بيده، و نفخ فيك من روحه و أمر الملائكة فسجدوا لك، و علّمك أسماء كلّ شيء فاشفع لنا إلى ربّك حتى يريحنا من مكاننا هذا، أ لا ترى ما نحن فيه، أ لا ترى ما قد بلغنا، فيقول: لست هناكم إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، و لن يغضب بعده مثله و إنّه نهاني عن الشّجرة فعصيته فخرجت بخطيئتي من الجنّة.
و في رواية: «و هل أخرجكم من الجنّة إلّا خطيئة أبيكم إن يغفر لي اليوم حسبي، نفسي نفسي.
و في رواية: «أنّه لا يهمّني اليوم إلّا نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى أبيكم بعد أبيكم ائتوا نوحا عبدا شكورا، أوّل رسول بعثه اللّه إلى أهل الأرض، فيأتون نوحا، فيقولون: يا نوح، أنت أوّل الرّسل إلى أهل الأرض، و سمّاك اللّه عبدا شكورا، و اصطفاك و استجاب لك في دعائك، و لم يدع على الأرض من الكافرين ديّارا، فاشفع لنا إلى ربّك أ لا ترى ما نحن فيه: أ لا ترى ما قد بلغنا: فيقول نوح: لست هناكم، إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله و لن يغضب بعده مثله و إنّه كانت لي دعوة دعوتها على قومي و سألت ما ليس لي به علم، و إن يغفر لي اليوم حسبي، نفسي نفسي».
و في رواية: «إنّه لا يهمّني اليوم إلّا نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى إبراهيم الّذي اتّخذه اللّه خليلا فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت نبيّ اللّه و خليله من أهل الأرض قم فاشفع لنا إلى ربّك أ لا ترى ما نحن فيه؟ أ لا ترى ما قد بلغنا فيقول: لست هناكم إنّما كنت خليلا من وراء وراء، و إنّ ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله و لن يغضب بعده مثله و إنّي كذبت في الإسلام ثلاث كذبات، و اللّه ما منها كذبة إلا ما حل بها عن دين اللّه، و إن يغفر لي اليوم حسبي، نفسي نفسي.