روي أن أول ما خلق اللّه تعالى النور و الظّلمة، ثم ميز بينهما، فجعل الظلمة ليلا، و النور نهارا.
و قد ثبت أن القيامة لا تقوم إلا نهارا، فدل على أن ليلة اليوم سابقة عليه، إذ كل يوم له ليلة، و تقدم الكلام على ذلك مبسوطا أول المعراج.
الخامس: قال في «المصباح» أرّخت الكتاب بالتثقيل في الأشهر، و التخفيف لغة حكاها ابن القطاع، إذ جعلت له تاريخا [و هو معرّب، و قيل عربيّ] و هو بيان انتهاء وقته و يقال:
ورّخت على البدل و التوريخ قليل الاستعمال.
السّادس: اختلفوا في لفظ التاريخ هل هو عربي أو معرّب.
قال صاحب نور المقاييس، و هو مختصر كتاب «مقاييس اللغة» لابن فارس «تاريخ الكتاب»: ليس عربيا و لا سمع من فصيح.
و قال ابن فارس في «المجمل»: التواريخ و التاريخ فما تحسبهما عربية.
و قال [غيره] التاريخ لفظ معرب أصله: ماه روز، و سبب تعريبه أن أبا موسى كتب إلى عمر- رضي اللّه تعالى عنهما- فذكر ما تقدم فجمع عمر الصحابة و استشارهم في ذلك فقال الهرمزان: إن للعجم حسابا يسمونه ماه روز ينسبونه إلى ما غلب عليهم من الأكاسرة، فعربوه و قالوا: مؤرخ و جعلوا مصدره التاريخ. و استعملوه في وجوه التصريف، ثم بيّن لهم الهرمزان أن كيفية استعماله، فقال عمر- رضي اللّه تعالى عنه-: ضعوا تاريخا يتعاملون عليه، فذكر نحو ما سبق أول الباب.
و قال جماعة: هو عربي مشتق من الأرخ بفتح الهمزة و كسرها و هو ولد البقرة الوحشية، إلا إذا كانت أنثى كانت فتى، و قال القزاز: الأرخ البقرة التي لم ينز عليها الثيران، و العرب تشبه بها النساء الخفرات.
و قال أبو منصور الجواليقي يقال: إنّ الأرخ الوقت، و التأريخ: التوقيت [1].
قال ابن بري: لم يذهب أحد إلى هذا، و إنما قال ابن درستويه: اشتقاق [الإرخ من بقر الوحش، و اشتقاق التأريخ واحد، لأن الفتى وقت من السن، و التاريخ] [2] وقت من الزمن.
و قال ابن بري: و قد أحسن كل الإحسان و جمع الأرخ و التاريخ.
[1] و قال إن التاريخ الذي يؤرخه الناس ليس بعربي محض، و إنما أخذه المسلمون عن أهل الكتاب و تاريخ المسلمين أرخ من سنة الهجرة كتب في خلافة عمر رضي اللّه عنه فصار تاريخا إلى اليوم.