قال الحافظ: «و هذا أقوى ما وقفت عليه في مناسبة الابتداء بالمحرم».
قال الشيخ- (رحمه اللّه تعالى)-: وقفت على نكتة في جعل المحرم أول السنة.
و روى سعيد بن منصور في «سننه» و البيهقيّ في «الشعب» بإسناده حسن، عن ابن عباس- رضي اللّه تعالى عنهما- قال في قوله تعالى: وَ الْفَجْرِ [الفجر 1] قال: الفجر شهر المحرم و هو فجر السنة» [1].
قال الحافظ في أماليه: بهذا يحصل الجواب عن الحكمة في تأخير التاريخ من ربيع الأول إلى المحرم. بعد أن اتفقوا على جعل التأريخ من الهجرة و إن كانت في ربيع الأول.
روى البخاري في «تاريخه» عن عبيد بن عمير- (رحمه اللّه تعالى)- قال: المحرم شهر اللّه، و هو رأس السنة، فيه يؤرخ التاريخ، و فيه يكسى البيت، و يضرب فيه الورق.
قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر- (رحمه اللّه تعالى)-: ذكر أبو الحسن محمد بن أحمد الوراق المعروف ب ابن ...] أن أول المحرم سنة الهجرة كان يوم الخميس اليوم الثاني من أيام سنة ثلاث و ثلاثين و تسعمائة لذي القرنين قلت: أي اليوناني، لا الذي ذكر في القرآن، انتهى.
تنبيهات
الأوّل [2]: قال السّهيلي- (رحمه اللّه تعالى)-: أخذ الصحابة التأريخ من الهجرة من قوله تبارك و تعالى لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ [التوبة 108] لأنه معلوم أنه ليس أول الأيام مطلقا، فتعين أنه أضيف إلى شيء مضمر، و هو أول الزمن الذي عز فيه الإسلام، و عبد النبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- ربه تبارك و تعالى آمنا، و ابتدأ بناء المسجد فوافق رأي الصحابة- رضي اللّه تعالى عنهم- ابتداء التأريخ من ذلك اليوم، و فهمنا من فعلهم أن قوله تعالى: مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ ... أنه أول أيام التأريخ.
قال الحافظ- (رحمه اللّه تعالى)- كذا قال، و المتبادر أن معنى قوله: مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أي: يوم دخل فيه النبي- (صلّى اللّه عليه و سلّم)- و أصحابه المدينة.
الثّاني: إنما يؤرخ بالأشهر الهلالية التي قد تكون ثلاثين، و قد تكون تسعا و عشرين كما ثبت في الحديث دون الشّمسيّة الحسبية و هي ابتداء ثلاثون فتزيد عليها.
قال اللّه سبحانه و تعالى في قصة أصحاب الكهف وَ لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً [الكهف 25].